![]() |
الجمع بين حديث"لا يقبض العلم انتزاعا" وقول ابن مسعود " إن المرء قد ينسى بعض العلم بالمعصية
السلام عليكم و رحمة الله شيخنا الحبيب
كيف جمع بين قول النبي عليه الصلاة و السلام: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء" و بين قول ابن مسعود رضى الله عنه: " إن المرء قد ينسى بعض العلم بالمعصية، وتلا قوله تعالى: فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به [المائدة:13]" جزاكم الله خيرا |
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وجزاك الله خيرا . الجواب مِن وَجهين : أولاً : قوله عليه الصلاة والسلام : إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ، ولكن يَقبض العِلم بِقبض العلماء حتى إذا لم يَترك عالِمًا اتخذ الناس رؤوسًا جُهّالاً فسُئلوا فأفتوا بغير عِلم ، فَضَلّوا وأضَلّوا . رواه البخاري ومسلم . لا يدلّ على مَنْع قَبض بعض العِلْم ، كما أخبر الله به عن بعض بني إسرائيل ، وكما يَقَع لِبعض هذه الأمّة ؛ لأن قَبْض بعض العِلْم لا يُعتَبَر قبضًا للعِلْم كلّه ؛ لِبقاء بقيّة العِلْم . فَمَن نسي بعض العِلْم ، فلا يُقال إنه نَسي العِلْم كلّه . ثانيا : قَبْض العِلْم مِن صُدور بعض العلماء ، لا يُعتبر قَبضًا للعِلْم كلّه ؛ لأن العِلْم باقٍ في صُدور بقية العلماء ، فيَصِحّ أن الله لم يقبِض العِلْم كلّه مِن صُدور الرِّجال كلّهم . ومِن المشاهَد أنها قد تَمرّ حُقبة مِن الزمن ، يكثر فيها الجهل ، ويَقِلّ فيها العِلْم ، ومع ذلك لا يندرس العِلم ولا يذهب كلّه ، بل يَبقى بَقيّة مِن أهل العِلْم يُنعشون العِلْم ، ويُحيون ما أماته الْمُبْطِلون . قال الزهري : كان مَن مَضى مِن علمائنا يقولون : الاعتصام بالسنة نجاة ، والعِلم يُقبَض قَبضا سريعا ، فنعش العلم ثبات الدِّين والدنيا ، وفي ذهاب العلم ذهاب ذلك كله . وقال ابن القيم : ولولا ضمان الله بحفظ دِينه وتكفّله بأن يُقيمَ له مَن يُجدِّد أعلامه ، ويُحيى منه ما أماته الْمُبْطِلُون ، ويُنعش ما أخْمَله الجاهلون ، لَهُدِّمت أركانه وتَداعى بُنيانه ، ولكن الله ذو فضل على العالمين . اهـ . وفي حديث أنس رضي الله عنه : إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ ، وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ ، وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا. رواه البخاري ومسلم . قال العيني : قوله : " أن يُرْفَع العِلم " فيه إسناد مجازي ، والمراد رفعه بِمَوت حَمَلته وقَبض العلماء ، وليس المراد مَحْوه مِن صدور الْحُفَّاظ وقلوب العلماء ، والدليل عليه ما رواه البخاري في باب كيف يُقْبَض العِلم ؟ عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله عز وجل لا يَقبض العلم انْتِزَاعا يَنْتَزِعه من العباد ، ولكن يَقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبْقِ عَالِمًا اتخذ الناس رؤساء جُهّالاً فيسألوا فافْتَوا بغير عِلم فضَلّوا وأضَلّوا " ، وبَيَّن بهذا الحديث أن المراد بِرَفْع العِلم هنا قَبض أهله ، وهُم العلماء لا مَحْوه مِن الصدور لكن بِموت أهله واتِّخَاذ الناس رؤساء جُهّالاً فيحكمون في دِين الله تعالى برأيهم ويُفْتُون بِجَهْلهم . قال القاضي عياض : وقد وجد ذلك في زماننا كما أخبر به عليه الصلاة والسلام . قال الشيخ قطب الدين : قلت : هذا قوله مع تَوفّر العلماء في زمانه ، فكيف بزماننا ؟ قال العبد الضعيف : هذا قَوله مع كثرة الفقهاء والعلماء من المذاهب الأربعة والْمُحَدِّثين الكبار في زمانه ، فكيف بزماننا الذي خَلَت البلاد عنهم وتَصَدَّرت الجهال بالإفتاء والتعين في المجالس والتدريس في المدارس ؟ فنسأل السلامة والعافية . اهـ . وسبق : أئمة الهدى .. ابن القيم .. http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7662 والله تعالى أعلم . |
الساعة الآن 12:11 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى