![]() |
امرأة نذرت أن تصوم يوما عن الكلام وتكرر ذلك كل عام فما حُكم نذرها ؟
السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله فيكم شيخنا الكريم ونفع بعلمكم هذا سؤال لأحد الأخوات تقول: أخت نذرت أن تصوم يوم كامل عن ( الكلام) إلى المغرب ما حكم هذا النذر ؟ وهل يجب الوفاء به ؟ وأيضا أصبحت تفعل هذا في كل سنة في نفس اليوم والتاريخ فأرجو أن توضحوا لها ما حكم هذا النذر وهل بفعلها ذلك في كل عام بدعة ؟ جزاكم الله خيرا الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتهوبارك الله فيك . أولاً : النذر منهي عنه ؛ لأنه لا يأتي بخير . قال عليه الصلاة والسلام : إن النذر لا يُقدِّم شيئا ولا يُؤخِّر ، وإنما يُسْتَخْرَج بالنذر مِن البخيل . رواه البخاري ومسلم . ثانيا : لا يجوز تخصيص يوم بالامتناع عن الكلام ؛ لأن هذا من البِدَع الْمُحْدَثَة ، بل هو مِن عَمَل الجاهلية . روى البخاري مِن طريق قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ : دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَس ، يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ ، فَرَآهَا لاَ تَكَلَّمُ ، فَقَالَ : مَا لَهَا لاَ تَكَلَّمُ؟ قَالُوا : حَجَّتْ مُصْمِتَة ، قَالَ لَهَا : تَكَلَّمِي ، فَإِنَّ هَذَا لاَ يَحِلُّ ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الجَاهِلِيَّةِ ، فَتَكَلَّمَتْ ثالثا : الامتناع عن الكلام ليس مما يُتقرّب به إلى الله في شرعنا ؛ لأنه منهي عنه . قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضيَ اللّهُ عنه : حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلامٍ ، وَلا صُمَاتَ يَوْمٍ إِلَى اللَّيْلِ . رواه أبو داود ، وصححه الألباني . ومَن نذر مثل ذلك فلا يجوز له الوفاء به ؛ لِمَا رواه البخاري من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضيَ اللّهُ عنهما قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ ، إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ ، فَسَأَلَ عَنْهُ ، فَقَالُوا : أَبُو إِسْرَائِيلَ ، نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلاَ يَقْعُدَ ، وَلاَ يَسْتَظِلَّ ، وَلاَ يَتَكَلَّمَ ، وَيَصُومَ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ . قَالَ الإمام مَالِك : وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِكَفَّارَةٍ ، وَقَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتِمَّ مَا كَانَ لِلَّهِ طَاعَةً ، وَيَتْرُكَ مَا كَانَ لِلَّهِ مَعْصِيَةً . وقال أبو الوليد الباجي : وَهَذِهِ الْمَعَانِي مِنْهَا مَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ لِكَوْنِهِ طَاعَةً ، وَهُوَ الصَّوْمُ ، وَمِنْهَا مَا لا يَلْزَمُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طَاعَةٌ ، كَالْقِيَامِ لِلشَّمْسِ وَالصَّمْتِ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يُعْلِمُهُ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ ذَلِكَ لِيَفِيَ بِنَذْرِهِ فِيهِ ، وَيُعْلِمَهُ بِمَا لا يَلْزَمُهُ فَيَتْرُكُ إتْعَابَ نَفْسِهِ فِيهِ ، وَإِلْزَامَهَا إيَّاهُ . اهـ . وقال ابن قدامة : وَإِنْ أَرَادَ فِعْلَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، سَوَاءٌ نَذَرَهُ أَوْ لَمْ يَنْذُرْهُ . وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ : لَهُ فِعْلُهُ إذَا كَانَ أَسْلَمَ . وَلَنَا النَّهْيُ عَنْهُ ، وَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ ، وَالأَمْرُ بِالْكَلامِ ، وَمُقْتَضَاهُ الْوُجُوبُ ، وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إنَّ هَذَا لا يَحِلُّ ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ . وَهَذَا صَرِيحٌ ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فِيمَا عَلِمْنَاهُ ، وَاتِّبَاعُ ذَلِكَ أَوْلَى . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : فَلَمَّا نَذَرَ عِبَادَةً غَيْرَ مَشْرُوعَةٍ مِنْ الصَّمْتِ وَالْقِيَامِ وَالتَّضْحِيَةِ ، أَمَرَهُ بِفِعْلِ الْمَشْرُوعِ وَهُوَ الصَّوْمُ فِي حَقِّهِ ، وَنَهَاهُ عَنْ فِعْلِ غَيْرِ الْمَشْرُوعِ . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم عضو مكتب الدعوة والإرشاد |
الساعة الآن 01:00 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى