ما صحة قصة ثابت البناني الذي صلى في قبره بعد موته ؟
 

السلام عليكم
لو سمحت يا شيخ أريد التأكد من صحة هذا الموضوع

ثابت البناني

ثابت البناني الذي كانت تُسمع تلاوة القرآن من قبره، ورد عن الذي ألْحده في قبره، أدخله في قبره أنه قال: "أنا والذي لا إله إلا هو أدخلت ثابتًا البناني لحده فلمّا سوّينا عليه اللَّبِنَ سقطت لَبِنَةٌ (يعني حجر) فنـزلت فأخذتها من قبره فإذا به يصلي في قبره.

(وجده قائمًا يصلي في قبره) قال: فقلت للذي معي: أتراه؟ قال: اسكت، فلمّا سوّينا عليه الترات وفرغنا أتينا ابنته فقلنا لها: ما كان عمل ثابت، ماذا كان يفعل في هذه الدنيا؟ قالت: وما رأيتم؟ فأخبرناها، فقالت: كان يقوم الليل خمسين سنة فإذا كان السَحَرُ قال في دعائه: اللهمّ إن كنت أعطيت أحدًا الصلاة في قبره فأعطِنيها، فما كان الله ليردَّ ذلك الدعاء" ا هـ .

أرأيتم ماذا كان يدعو طيلة خمسين سنة هل دعا بالمال هل دعا بالرزق هل دعا بالولد هل حتى دعا بالتوسعة في القبر بل دعا بالصلاة وأين في القبر إلي يوم القيامة .

أين الذين يتهاونون فيها؟ أين الذين يضيعونها؟ وأين في الرخاء في الصحة في العافية ؟.

أسأل الله العلي القدير أن يرزقنا صحبة هؤلاء العظام وإن لم نكن نعمل بأعمالهم

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

يُروى هذا في سيرة ثابت ، وأمْثَل أسانيد القصة ما رواه البيهقي من طريق ابن شوذب قال : سمعت ثابت البناني يقول : اللهم إن كنت أعطيت أحدًا مِن خلقك يُصَلي لك في قبره فاعْطِنيه .

وما عدا ذلك فضعيف .

ولذلك ولَمّا أورد الإمام الذهبي هذه الحكاية قال :
عفان، عن حماد بن سلمة ، قال : كان ثابت يقول : اللهم إن كنت أعطيت أحدًا الصلاة في قبره فأعطني الصلاة في قبري . فيقال : إن هذه الدعوة اسْتُجِيبت له ، وإنه رُئي بعد موته يصلي في قبره فيما قيل . اهـ .

وعلى كلّ ما كان بعد ذلك فرؤيا منام ، وهي لا تصح مِن جهة إسنادها .
ولا من جهة معناها .

فإنه لا يُعرف عن أحد الصلاة في القبور إلاّ عن الأنبياء ، لقوله عليه الصلاة والسلام : الأنبياء - صلوات الله عليهم - أحياء في قبورهم يُصَلُّون . رواه أبو يعلى والبزار ، وصححه الألباني .
وقال عليه الصلاة والسلام : أتيت على موسى ليلة أُسْرِي بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم*يصلي في قبره*. رواه مسلم .

وقال البخاري : باب كراهية الصلاة في المقابر .
قال ابن حجر : اسْتَنْبَط مِن قوله في الحديث : " ولا تتخِذُوها قُبُورًا " أن القبور ليست بِمَحَلّ للعبادة ، فتكون الصلاة فيها مكروهة ....

وقال ابن التين : تأوّله البخاري على كراهة الصلاة في المقابر ، وتأوله جماعة على أنه إنما فيه الندب إلى الصلاة في البيوت ، إذ الموتى لا يُصَلُّون ، كأنه قال لا تكونوا كالموتى الذين لا يُصَلُّون في بيوتهم ، وهي القبور . قال : فأما جواز الصلاة في المقابر أو المنع منه فليس في الحديث ما يؤخذ منه ذلك .

قال ابن حجر : قلت إن أراد أنه لا يؤخذ منه بِطريق المنطوق فَمُسَلَّم ، وإن أراد نَفي ذلك مطلقا فلا ، فقد قَدّمنا وَجْه استنباطه . وقال في النهاية تَبَعًا للمَطَالِع : إن تأويل البخاري مَرجوح ، والأولى قول مَن قال معناه : أن الميت لا يُصلي في قبره . وقد نقل ابن المنذر عن أكثر أهل العلم إنهم استدلوا بهذا الحديث على أن المقبرة ليست بموضع الصلاة ، وكذا قال البغوي في شرح السنة والخطابي ، وقال أيضا : يُحْتَمَل أن المراد لا تجعلوا بيوتكم وَطَنًا للنوم فقط ، لا تُصَلُّون فيها ، فإن النوم أخو الموت ، والميت لا يُصَلِّي . اهـ .

والله تعالى أعلم .

المجيب فضيلة الشيخ/عبد الرحمن بن عبد الله السحيم