هل يجوز أن نقول : (نشهد الله ونشهد رسوله على محبة رسول الله وآل بيته) ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم هل يجوز قول نشهد الله ونشهد رسوله صلى الله عليه وسلم على محبة رسول الله وآل بيته ؟ بارك الله فيكم _____________________________________ الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وجزاك الله خيرا ، وبارك الله فيك . أولاً : يُشتَرط في قول " نُشهد الله " أن يكون القائل صادقا ؛ لئلا يُشْهد الله على كذب . وما أكثر دعاوى المحبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، والدعوى يُخالِفها العَمَل . فكم من المسلمين يدّعي محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وهو يُخالِف أمر الله ورسوله ، ويعصي الله ورسوله ؟ قال الشاعر : لو كان حُبك صادقا لأطعته ... إن الْمُحِبّ لمن يُحب مُطيع وكم من المسلمين يَرتكب المنهيات فضلا عن المكروهات ، وهو يدّعي محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . إن أصدق الْمَحَبَّة : أن تُحب ما يُحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن تَكْره ما يَكرهه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم . قال أبو عمرو الزجاجي : سألت الْجُنيد عن الْمَحَبة ؟ قال : تريد الإشارة ؟ قلت : لا . قال : تريد الدَّعوى ؟ قلت : لا . قال : فإيش تُريد ؟ قلت : عَين الْمَحَبة ، قال : أن تُحب ما يحب الله في عباده ، وتَكره ما يَكره الله في عباده . وقال الْجُنيد : قال بعض شيوخنا : لا تكون لله عبدا حقا ، وأنت لِمَا يَكْره مُسْتَرَقّ . وسئل أبو الحسين بن مالك : ما علامة المحبة ؟ قال : تَرْك ما تُحِب لمن تُحِبّ . وقال بِشْر بن السَّرِيّ : ليس من أعلام الحب أن تُحب ما يُبغض حبيبك ! وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : الحب التام يُوجِب الذل والطاعة ، فإن الْمُحِبّ لمن يُحِب مُطيع . اهـ . وهناك مَن يدّعي الْمُحَبَّة وهو يتشبّه بأعداء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ! فالْمَحبَّة تحتاج إلى صِدق دعوى ، وإلى إثبات صِدق ، ولا يَكفي فيها مُجرّد الدعاوى . ثانيا : لا يصِحّ أن يُشْهَد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات ، قال تعالى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) ، وقال عزَّ وجَلّ : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) . وقال أبو بكر لَمّا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألاَ مَن كان يعبد محمدًا صلى الله عليه وسلم فإن محمدًا قَدْ مَات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت . رواه البخاري . قال شيخنا العثيمين رحمه الله : نحن نقول : نُشهد الله عز وجل على محبة المؤمنين مِن آل البيت ، ونَرى أن المؤمن مِن آل البيت له حَقَّان علينا : الحق الأول : إيمانه . والثاني : قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم . ونرى أنهم ما شرفوا إلاّ لِقُربهم مِن الرسول عليه الصلاة والسلام ، وليس الرسول هو الذي شَرف بهم ؛ بل هُم شَرفوا بِقُرْبه . اهـ . وكذلك : لا يصِحّ أن يُقال في الأمور الكونية الحادِثَة غير الأمور الشرعية : الله ورسوله أعلم . قال شيخنا العثيمين رحمه الله : في المسائل الشرعية يُقال : " الله ورسوله أعلم " ، لأنه صلى الله عليه وسلم أعْلم الخلق بِشريعة الله ، وعِلمه بها مِن عِلم الله الذي عَلّمه ... ففي الأمور الشرعية يُقال : " الله ورسوله أعلم " ، وفي الأمور الكونية لا يُقال ذلك . ومِن هُنا نَعرف خطأ وجَهل مَن يَكتب الآن على بعض الأعمال : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يَرى العمل بعد موته . اهـ . قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله : الله ورسوله أعلم : الأصل أن يُقال : الله سبحانه وتعالى أعلم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم إلاّ ما يُعلمه الله به . وجُملة الكلام في هذا الإطلاق في مقامين : الأول : قول ذلك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ... الثاني : قولها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد جرى إطلاقها عند بعض أهل العلم . اهـ . وسبق الجواب عن : ما حُكم عبارة (انشرها بِقَدْر حُبك لله أو للرسول) ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11304 والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 03:50 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى