ما حكم الصلاة خلف الأجهزة مثل : التلفاز أو المذياع أو الجوال ؟
ما حُكم الصلاة خلْف الأجهزة (تلفاز – مذياع – جوال) ؟ وهل هو صحيح أن عِلّة المنع : عدم هجر المساجد ؟ بحيث إذا صلّى الناس في بيوتهم جاز لهم الصلاة خَلف الأجهزة ؟ _____________________________________ الجواب : لا تَصِحّ الصلاة خَلْف الأجهزة المذكورة (تلفاز – مذياع – جوال) ؛ لأنه لا يَصِحّ الاقتداء مع اختلاف الأماكن في البلد الواحد ، فكيف بِاختلاف البلدان وتباعُد المسافات . وهذا بإجماع أهل العلم . وجمهور أهْل العِلم يَشتَرِطون أن لا تكون هناك مسافة بين الصفوف . قال النووي : يُشتَرط أن لا تَطول المسافة بين الإمام والمأمومين إذا صَلّوا في غير المسجد ، وبه قال جماهير العلماء ؟ (المجموع) وقال ابن قُدَامَة : لا بُدّ لِمَن لا يُشَاهِد أن يَسمَع التّكبِير ؛ لِيُمْكِنه الاقتداء ، فإن لم يَسْمَع لَم يَصحّ ائتِمَامه بِه بِحَال ؛ لأنه لا يُمكِنه الاقتداء به . (الْمُغنِي) قال الحجاوي في " زاد المستقنع " : يَصِحُّ اقْتِدَاءُ المَأْمُومِ بِالإِمَامِ فِي المَسْجِد وَإِنْ لَمْ يَرَهُ وَلاَ مَنْ وَرَاءَهُ إِذَا سَمِعَ التَّكْبِيرَ ، وَكَذَا خَارِجَهُ إِنْ رَأَى الإمَامَ أَوْ المَأْمُومِين إذا اتّصَلَت الصّفُوف . قال شيخنا العلامة العثيمين رحمه الله : الصَّوابُ في هذه المسألة : أنَّه لا بُدَّ في اقتداءِ مَن كان خارجَ المسجدِ مِن اتِّصالِ الصُّفوفِ ، فإنْ لم تكن متَّصِلة فإنَّ الصَّلاة لا تَصِحّ . مثال ذلك : يُوجد حَوْل الْحَرَم عمارات ، فيها شُقق يُصلِّي فيها الناسُ ، وهم يَرَون الإِمامَ أو المأمومين ، إما في الصَّلاةِ كلِّها ؛ أو في بعضِها ؛، فعَلى كلامِ المؤلِّفِ تكون الصَّلاةُ صحيحة ، ونقول لهم: إذا سمعتم الإِقامة فلكم أنْ تبقوا في مكانِكم وتصلُّوا مع الإِمام ولا تأتوا إلى المسجدِ الحرام. وعلى القول الثاني : لا تَصِحُّ الصَّلاةُ ؛ لأنَّ الصفوفَ غيرُ متَّصلةٍ . وهذا القولُ هو الصَّحيحُ ، وبه يندفع ما أفتى به بعضُ المعاصرين مِن أنَّه يجوز الاقتداءُ بالإِمامِ خلفَ المِذياعِ ، وكَتَبَ في ذلك رسالةً سمَّاها : " الإقناع بصحَّةِ صلاةِ المأمومِ خلفَ المِذياع " ، ويلزمُ على هذا القَول أن لا نصلِّي الجمعة في الجوامع بل نقتدي بإمام المسجدِ الحرامِ ؛ لأنَّ الجماعةَ فيه أكثرُ فيكون أفضل ، مع أنّ الذي يصلِّي خلفَ المِذياع لا يَرى فيه المأموم ولا الإِمامَ ، فإذا جاء التلفاز الذي يَنْقُل الصَّلاة مباشرة يكون مِن بابِ أَولى ، وعلى هذا القول اجعلْ التلفزيون أمامَك وصَلِّ خلفَ إمامِ الْحَرَمِ ، واحْمَدِ اللهَ على هذه النِّعمةِ ؛ لأنَّه يشاركك في هذه الصَّلاةِ آلاف النَّاس ، وصَلاتك في مَسجِدك قد لا يَبْلُغون الألْف. ولكن ؛ هذا القَول لا شَكّ أنّه قولٌ باطلٌ ؛ لأنه يؤدِّي إلى إبطالِ صلاةِ الجماعةِ أو الجُمعة ، وليس فيه اتِّصالَ الصُّفوفِ ، وهو بعيدٌ مِن مقصودِ الشَّارعِ بصلاةِ الجمعةِ والجماعة . (الشرح الْمُمْتِع) ولا يَصِحّ أن الِعلّة مِن مَنْع الصلاة خَلْف المذياع هي عدم هجر المساجد ، وليس لأجل أن لا تتعطّل المساجِد ، إذْ لو كانت هذه هي العِلّة لأفْتَى أهل العِلْم للمرأة ومَن لا تَجِب عليه الْجَماعة بِجَواز الصلاة خَلْف المذياع . سُئل شيخنا العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله : أثناء إذاعة الصلاة على الهواء مباشرةً في التلفاز . هل يجوز وأنا في بيتي أن أصلي خلف إمام المسجد الذي تُذاع منه الصلاة ؟ فأجاب رحمه الله : لا يُصلَّى خَلْف التلفاز، بل الواجب عليك أن تُصلِّي في الجماعة في المساجد التي حَوْلك ... لو قُدّر أنه تأخّر لِمَرَض أو عِلّة مِن العِلل وفَاتَته الصلاة لا يُصلِّي خَلْف الْمِذْيَاع ، ولا خَلْف التلفاز - ما يُذَاع في التلفاز - بل يُصلِّي وَحْدَه ، أو يُصَلّي معه مَن عنده مِن أهل بَيْته ، والنساء يَقِفْن خَلْفه ، لا يَقِفْن معه ، المرأة فأكثر تَقِف خَلْفه ، وتُصلِّي معه لا بأس ، أما الصلاة مع الإمام الذي يَسمَعه في الإذاعة أو في التلفاز ؛ فلا ، أو يَراه في التلفاز ؛ فلا . اهـ . وسُئل علماؤنا في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة : ما حُكم مَن صَلّى جماعة في مَنْزِله مُكْتَفِيا بِسمَاع مُكَبّرات الصوت مِن المسجد ، ولم يَتّصِل بين الإمام والمأموم ولو بِواسِطة ، وذلك واقع مكة والمدينة في الموسم ؟ فأجابوا : لا تَصحّ الصلاة ، وهذا مذهب الشافعية ، وبه قال الإمام أحمد ، إلاّ إذا اتّصَلَت الصّفوف بِبَيْته ، وأمْكَنه الاقتداء بِالإمام بِالرّؤية وسَمَاع الصّوت ، فإنها تَصِحّ ، كَمَا تَصِحّ صلاة الصّفوف التي اتّصَلَت بِمَنْزِله ، أما بِدُون الشّرْط المذكور ؛ فلا تَصِح . اهـ . وقال العلامة الشيخ الألباني رحمه الله : الواجِب الصلاة في المسجد ووَصْل الصّفُوف , فمَا يَفْعَله الناس اليوم في مَوْسم الْحَجّ مِن الصلاة في الغُرَف التي حَوْل المسجِد الْحَرّام مع عدم اتّصَال الصّفُوف فيه ؛ فلا أراه جائزا بِوَجْه مِن الوُجُوه . (إرواء الغليل) والواجب على المسلم أن يَحتاط لِدِينه ، ولا يتساهل ولا يَتهاون في شأن الصلاة ، ولا يتتبّع الرُّخص مِن غير دليل ، ولا قَول عليه حُجّة . وأن يَخْرُج مِن عُهدة الواجِب بِيقِين . ولا يجوز أخذ الفتوى مِمّن عُرِف بالتساهل فيها . قال النووي : يَحْرُم التَّسَاهُل فِي الْفَتْوَى ، وَمَن عُرِفَ بِهِ حَرُم اسْتِفْتَاؤُه . (المجموع) ويُقال مثل ذلك في مسألة كثُر الكلام فيها ، وهي اقتداء الناس إذا صَلّوا في بُيوتهم بعضهم ببعض ! مع وُجود الجدران ! ورَحِم الله الإمام أحمد بن حنبل حيث وَضَع قاعِدتين لِطُلاّب العِلْم قبل الكلام في أي مسألة . الأولى : قَوله رحمه الله : أكثر ما يُخطئ الناس في التأويل والقِياس ! والثانية : قَوله رحمه الله : إيّاك أن تَتكلّم في مسالة ليس لك فيها إمَام . والقول بِجواز اقتداء الناس إذا صَلّوا في بُيوتهم بعضهم ببعض ! مع وُجود الجدران ! قول شاذّ ، لا أعلَم أنه سُبِق إليه ، ولا أفتى به أحَد مِن أهل العِلْم ، مَع وُجود الأعذار ، سواء أهل الأعذار ، أو مَن لا تَجب عليهم الجماعة ، أو في حال الصلاة في البيوت عند وُجود العُذر ، فقد نادَى المنادِي في زَمَن الصحابة رضي الله عنهم : صَلُّوا فِي بُيُوتِكُم ، الصَّلاَة فِي الرِّحَال ، كما في الصحيحين ، ولم يُفتِ أحد مِن أهل العلم باقتداء بعضهم ببعض . فالصلاة في البيوت ليست مسألة وَلِيدة الساعة ، وليست نازِلة بِسبب هذه الجائحة وانتشار الوباء ، وإنما هي مسألة معروفة مِن القَرْن الأول . وبعض المسائل يُقال فيها : لا وَحْدك صَلّيت ، ولا بإمامك اقْتَدَيْت . وهذا يُروَى عن عُمر وعن ابن مسعود رضي الله عنهما . ومثل هذه المسائل : يَجب الرجوع فيها إلى أهْل العِلْم الثقات قبل نشرها على الناس ، وقبل أن يُفتَى بها الناس ، ثم يُعمَل بها . والله تعالى أعلم . المجيب فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 07:16 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى