شرح عمدة الأحكام .. ح 148 في أنه لا أذان ولا إقامة لِصلاة العيد
شرح عمدة الأحكام – ح 148 في أنه لا أذان ولا إقامة لِصلاة العيد
عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْعِيدِ ، فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ , بِلا أَذَانٍ وَلا إقَامَةٍ ، ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلالٍ , فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى , وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ , وَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ , ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ , وَقَالَ : يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ , تَصَدَّقْنَ ، فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ حَطَبِ جَهَنَّمَ , فَقَامَتْ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ , سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ ، فَقَالَتْ : لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : لأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ , وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ . قَالَ : فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ ، يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلالٍ مِنْ أَقْرَاطِهِنَّ وَخَوَاتِيمِهِنَّ . فيه مسائل : 1= قوله رضي الله عنه : " شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْعِيدِ " أي : صلاة العيد في يوم العيد . ومعنى " شَهِدت " أي : حَضَرْت . 2= قوله رضي الله عنه : " فَبَدَأَ بِالصَّلاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ " تأكيد لِمَا جاء في حديث البراء رضي الله عنه . قال ابن عبد البر عن تقديم الصلاة على الخطبة : فهذا هو الصحيح الثابت عن النبي وعن الخلفاء الراشدين المهديين بعده ، أنهم كانوا يصلون قبل الخطبة في العيدين ، بلا أذان ولا إقامة . وعلى هذا فتوى جماعة الفقهاء بالحجاز والعراق ، وهو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم والثوري والأوزاعي والحسن بن حَيّ وعبيد الله بن الحسن وعثمان البتي وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبي ثور وأبي عبيدة وداود والطبري ؛ كلهم لا يَرون في صلاة العيدين أذَانًا ولا إقامة ، ويُصَلُّون قبل الخطبة . اهـ . وسبق الكلام على تقديم الصلاة على الخطبة في شرح حديث البراء رضي الله عنه . 3= لا يُشرع لصلاتي العيدين أذان ولا إقامة . ففي الصحيحين عن ابن عباس وعن جابر بن عبد الله قالا : لم يكن يؤذّن يوم الفطر ولا يوم الأضحى . ورواية مسلم صريحة في نفي أي نداء لِصلاة العيد ، ففيها : قال عطاء : أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ أَنْ لا أَذَانَ لِلصَّلاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ حِينَ يَخْرُجُ الإِمَامُ وَلا بَعْدَ مَا يَخْرُجُ ، وَلا إِقَامَةَ وَلا نِدَاءَ وَلا شَيْءَ ، لا نِدَاءَ يَوْمَئِذٍ وَلا إِقَامَةَ . وفي حديث جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَال : صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِيدَيْنِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلا مَرَّتَيْنِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلا إِقَامَةٍ . رواه مسلم . وقد أوْرَد ابن عبد البر قول ابن عباس أن النبي صلّى بهم يوم عيد عند دار كثير بن الصَّلْت بِغير أذان ولا إقامة ، وصلى قبل الخطبة . ثم قال : وكذلك كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي يفعلون ، يُصَلّون العيدين بغير أذان ولا إقامة ، لا خلاف عنهم في ذلك . اهـ . ولا مفهوم لقول جابر رضي الله عنه : أَنْ لا أَذَانَ لِلصَّلاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ . فلا يُفهم منه التأذين للصلاة يوم عيد الأضحى . 4= لا يُنادى للعيدين بأي نِداء ، وذلك لأنه معلوم الوقت ، وليس مثل النوزال ، كالخسوف والكسوف ، كما أن العيد ليس مثل الصلوات الخمس التي تتكرر ، وقد يغفل الناس عن أوقاتها فاحتِيج إلى الأذان لكل صلاة . قال الصنعاني في شرح حديث ابن عباس " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعِيدَ بِلا أَذَانٍ وَلا إقَامَةٍ " : وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ شَرْعِيَّتِهِمَا فِي صَلاةِ الْعِيدِ ، فَإِنَّهُمَا بِدْعَةٌ . اهـ . قال : وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ الثِّقَةِ عَنْ الزُّهْرِيِّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ فِي الْعِيدِ أَنْ يَقُولَ الصَّلاةُ جَامِعَةٌ . أقول : وهذا مِن مراسيل الزهري ، وقد قال ابن معين ويحيى بن سعيد القطان : ليس بشيء ، وكذا قال الشافعي . يعني ما يتعلّق بِمراسيل الزهري . والمرسَل أصلا من قسم الحديث الضعيف ، فكيف إذا كانت من المراسيل التي قال فيها العلماء : ليست بشيء ؟! ولذلك قال الشيخ ابن باز : النداء للعيد بدعة . اهـ . 5= معنى " يتوكّأ " أي : يتحامَل ، وهو الميل في قيامه مُتحامِلاً على بِلال رضي الله عنه . 6= قوله رضي الله عنه : " فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى , وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ , وَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ " هذا مما سِيق بالمعنى اختصارا ، ويُؤخذ منه أن خُطبة العيد تكون مما يُوعَظ به الناس وتذكيرهم بتقوى الله والحثّ على طاعته ، دون أن تكون خُطبة سياسية في الأحداث ! ودون إطالة . وقد كانت الأحداث تجري في زمنه عليه الصلاة والسلام ، فلم يكن يذكر ذلك في خُطبة العيد . والأصل في الخطبة الاقتداء وليس الابتداء . وفي حديث أبي سعيد : " فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ " . رواه البخاري . قال الخرقي : فَإِنْ كَانَ فِطْرًا حَضَّهُمْ عَلَى الصَّدَقَةِ ، وَبَيَّنَ لَهُمْ مَا يُخْرِجُونَ ، وَإِنْ كَانَ أَضْحَى يُرَغِّبُهُمْ فِي الأُضْحِيَّةِ ، وَيُبَيِّنُ لَهُمْ مَا يُضَحَّى بِهِ . وقال الصنعاني في شأن خُطبة العيد : وَأَنَّهَا كَخُطَبِ الْجُمَعِ أَمْرٌ وَوَعْظٌ . اهـ . وقال الشوكاني : قَوْلُهُ : " فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ " فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْوَعْظِ وَالتَّوْصِيَةِ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ . اهـ . 7= هل يُشرَع تخصيص النساء بِخطبة ؟ الجواب : لا ، إلاّ أن تكون هناك حاجة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك ابتداء ، وإنما فَعله حينما ظنّ أنه لم يُسمِع النساء ، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، وهو مُخرّج في الصحيحين . فَوَعْظ النساء ليس خُطبة مستقلّة ، وهو " صريح في أنه كان بعد الفراغ من الخطبة " ، كما قال ابن الملقَّن . 8= هل الأصل في العيد خُطبة أن تكون واحدة أو اثنتين ؟ قال الصنعاني في شرح حديث أبي سعيد " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إلَى الْمُصَلَّى وَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاةُ ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ ، وَالنَّاسُ عَلَى صُفُوفِهِمْ ، فَيَعِظُهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ " : وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ خُطْبَةِ الْعِيدِ ، وَأَنَّهَا كَخُطَبِ الْجُمَعِ أَمْرٌ وَوَعْظٌ ، وَلَيْسَ فِيهَا أَنَّهَا خُطْبَتَانِ كَالْجُمُعَةِ ، وَأَنَّهُ يَقْعُدُ بَيْنَهُمَا ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّمَا صَنَعَهُ النَّاسُ قِيَاسًا عَلَى الْجُمُعَةِ . اهـ . 9= هل يجلس على المنبر قبل خُطبة العيد ؟ وهل يُشرَع أصلا وُجود منبر ؟! الجواب : لا ، في كليهما ؛ فلا يُشرع جلوس قبل الخطبة ، ولا يُشرع وضع منبر يُخطَب عليه يوم العيد . أما الجلوس ، فلأن الإمام يوم الجمعة يجلس من أجل أن يُؤذِّن المؤذِّن ، فإذا فَرغ المؤذن قام يخطب ، بينما لا نداء لصلاة العيد ، فلا يحتاج إلى ذلك الجلوس . وكذلك القول في المنبر ، فإن المنبر في المسجد لأجل علوّ الخطيب حتى يراه الناس ، بينما في مصلّى العيد لا يحتاج إلى ذلك لأن الناس في شِبه الصحراء ، لا يحجز شيء عن رؤية الإمام . وسبق في حديث أبي سعيد رضي الله عنه : " فَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ " . رواه البخاري . وقد أنكر أبو سعيد رضي الله عنه على مروان تقديم الخطبة على الصلاة ، وأقَرّ من أنكِر على مروان إخراج المنبر ، ففي رواية لأحمد : : أخرج مروان المنبر في يوم عيد ولم يكن يُخرج به ، وبدأ بالخطبة قبل الصلاة ولم يكن يُبدأ بها قال : فقام رجل فقال : يا مروان خالفت السُّـنَّة ؛ أخْرَجْت المنبر يوم عيد ولم يكن يُخرج به في يوم عيد ، وبدأت بالخطبة قبل الصلاة ولم يكن يبدأ بها . فقال أبو سعيد الخدري : من هذا ؟ قالوا : فلان بن فلان. فقال أبو سعيد : أما هذا فقد قضى ما عليه . الحديث . قال الشيخ شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم . فهذا إنكار من هذا الصحابي ، وإقرار الصحابة رضي الله عنهم له . قال ابن حجر : يُحْتَمَل أن يكون هو أبا مسعود الذي وقع في رواية عبد الرزاق . اهـ . ونَقَل الشوكاني أن الرجل الذي أنكر هو عُمَارَة بن رُؤيْبَة . وهو صحابيّ . فعلى هذا يكون إنكار الصحابة لكل من تقديم الخطبة واتِّخاذ المنبر . ولذلك قال الإمام البخاري : بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى بِغَيْرِ مِنْبَرٍ . ثم روى بإسناده إلى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَال :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاةُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ ، فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ ، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمُصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ .. الحديث . قال ابن حجر : وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ اِتَّخَذَهُ مَرْوَانُ . اهـ . يعني : أوّل من اتّخذ المنبر . كما أن قول أبي سعيد رضي الله عنه : " ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ " دليل على أنه لم يكن عليه الصلاة والسلام يتّخذ منبرا . وإذا كان لا يَتِّخِذ مِنبرا ، فإنه لا يجلس ؛ لأنه لا وُجود للمنبر أصلا ! قال الشوكاني : لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قعد في خطبة العيد ، بل كان يفرغ من الصلاة ، فيقوم ثم يخطب . اهـ . وقال أيضا : وَقَدْ وَرَدَ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ خُطْبَتَيْ الْعِيدِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ ، وَفِي إسْنَادِهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ . اهـ . وهذا مقتضى قول أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه : ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ . وقد يُشكل على هذا قول جابر في صِفَة خُطبته صلى الله عليه وسلم يوم العيد : فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ فَذَكَّرَهُنَّ . والـنُّزُول يكون مِن عُلوّ ! وهذا غير مُراد هنا ؛ لأن النّزول يُراد به الـتَّحوّل والانتقال . ويدلّ على هذا رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما : ثُمَّ مَالَ عَلَى النِّسَاءِ . وفي رواية : فَرَأَى أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعْ النِّسَاءَ فَأَتَاهُنَّ . ويأتي النُّزُول في اللغة بمعنى التحوّل والانتقال . قال الإمام البخاري : بَاب قَوْلِ الرَّجُلِ لأَخِيهِ : انْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَيَّ شِئْتَ حَتَّى أَنْزِلَ لَكَ عَنْهَا . وقد يُقال : ما الذي حَمَل على مثل هذا القول ؟ فالجواب : أنه جاء صريحا عدم اتِّخاذ المنبر ، فَوَجب حَمْل الـنُّزُول على التحوّل والانتقال . 10= في الحديث أن الصدقة تدفع البلاء ، وتَقِي العذاب . وهذا مأخوذ من قوله عليه الصلاة والسلام : " تَصَدَّقْنَ ، فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ حَطَبِ جَهَنَّمَ " . وجاء صريحا قوله : " الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ " رواه الإمام أحمد والترمذي من حديث كعب بن عُجرة رضي الله عنه ، ومن حديث معاذ رضي الله عنه . ولذلك كان الناس يُسارعون إلى الصدقة ويُبادِرون إليها إذا نَزَل بهم ما يكرهون ، أو رأوا أسباب العذاب ومُقدِّماته . 11= في الحديث إشارة إلى جواز تغليظ الـنُّصْح ، وبيان سبب العذاب ، وأنّ الذنوب هي من أعظم أسباب العذاب الدنيوي والأخروي . وهذا بِخلاف ما يُريده أهل الغفلة ، حيث يُريدون أن يُترَكوا في غفلاتهم لاَهُين سادِرُين سامِدُين ! 12= قوله رضي الله عنه : " فَقَامَتْ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ " أي : مِن أوْسَط النساء . قال القاضي عياض : أصله من الوسط ... فَسَّرَه بعضهم أن معناه مِن عِلْيَة النساء وخيارهم . اهـ . وقال ابن الملقِّن : أصل هذه اللفظة من الوسط ، الذي هو الخيار . قال النووي : الْمُرَاد اِمْرَأَة مِنْ وَسَط النِّسَاء ، جَالِسَة فِي وَسَطهنَّ . وجاء في بعض الروايات خِلاف ذلك ؛ ففي رواية ابن أبي شيبة : فقالت امرأة ليست مِن عِلية النساء . وفي رواية لأحمد والنسائي : فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ سَفِلَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ . وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما : فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ جَزْلَةٌ . رواه مسلم . 13= قوله : " سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ " قال القاضي عياض : هو شحوب وسواد في الوجه . وقال النووي : بِفَتْحِ السِّين الْمُهْمَلَة ، أَيْ : فِيهَا تَغَيُّر وَسَوَاد . اهـ . 14= هذا الحديث مما استدَلّ به من يقول بِجواز كشف المرأة لوجهها أمام الرجال الأجانب . وهل هذا الاستدلال وجيه ؟ الجواب : لا أما لِمَاذا ؟ فلِورود عِدّة احتمالات ، منها : 1 – أن تكون أمَة لا يجب عليها الحجاب . 2 – أو يكون قبل نُزول الحجاب . وسبق النقل أن أوّل صلاة عيد صلاّها النبي صلى الله عليه وسلم كانت في السنة الثانية من الهجرة ، بينما فُرِض الحجاب في السنة الرابعة أو الخامسة . قال ابن حجر : وَالْحِجَاب كَانَ فِي ذِي الْقَعْدَة سَنَة أَرْبَع عِنْد جَمَاعَة . اهـ . فَعَلى هذا تكون مشروعية صلاة العيد مُتقدِّمَة على نُزول آية الحجاب ، فيُحتمَل أن تكون هذه القصة قبل نُزول الحجاب . 3 – أن تكون تلك المرأة من القواعد من النساء . 4 – احتمال أن يكون ذلك ذُكِر لِجابر رضي الله عنه ، فلم يكن شَهِد موعظة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء ، لأن جابر قال في حديثه : ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلالٍ . فيُحتمل أن تكون امرأة من أهله ذَكَرت ذلك له . 5 – يُحتمَل أن تكون الرواية في رؤية المرأة مرويّ عن ابن عباس رضي الله عنهما ، فإنه قال عن شُهودِه العيد: وَلَوْلا مَكَانِي مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ ، يَعْنِي مِنْ صِغَرِهِ . رواه البخاري ومسلم . فهو قد شَهِد العيد صغيرا . وعلى كلّ حال فلا تُترك النصوص الصحيحة الصريحة الآمرة بالحجاب لأجل احتمالات مثل هذه الاحتمالات! 14= مشروعية سؤال الواعظ والْمُذَكّر والعالِم عمّا يُشكِل على السامع ، وذلك مأخوذ من سؤال المرأة : فَقَالَتْ : لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ 15= " تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ " قال النووي : هُوَ بِفَتْحِ الشِّين ، أَيْ : الشَّكْوَى . وإكثار الشكوى سبب للتسخّط . ولذلك لَمَّا زار إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ابنه إسماعيل عليه الصلاة والسلام فلم يجده ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ ، فَقَالَتْ : خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا ، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ ، فَقَالَتْ : نَحْنُ بِشَرٍّ ! نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ . قَالَ : فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلامَ ، وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا فَقَالَ : هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا ، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ ، وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ . قَالَ : فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلامَ ، وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ ! قَالَ : ذَاكِ أَبِي ، وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ ، الْحَقِي بِأَهْلِكِ ، فَطَلَّقَهَا ، وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى ، فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ ، فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ : خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا . قَالَ : كَيْفَ أَنْتُمْ ؟ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ ، فَقَالَتْ : نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ ، وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ : مَا طَعَامُكُمْ ؟ قَالَتْ : اللَّحْمُ ، قَالَ : فَمَا شَرَابُكُمْ ؟ قَالَتْ : الْمَاءُ ، قَالَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ . قالَ : فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلامَ ، وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ ، فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ : هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ ، وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ ، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ . قَالَ : فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ ، وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ . قَالَ : ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ . رواه البخاري . فالمرأة التي تُكثر الشكاية لا يُوصى بإمساكها ! 16= " تَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ " قال أبو عُبيد : العشير يعني الزوج، سُمِّي عَشِيرًا ؛ لأنه يُعاشرها وتُعَاشِره . اهـ . قَالَ أَهْل اللُّغَة : يُقَال : هُوَ الْعَشِير الْمُعَاشِر وَالْمُخَالِط ، وَحَمَلَهُ الأَكْثَرُونَ هُنَا عَلَى الزَّوْج . قاله النووي . وجاء كُفران العشير مُبَيَّنًا في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ ؛ يَكْفُرْنَ . قِيلَ : أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ ؟ قَالَ : يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ : مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ ! رواه البخاري ومسلم . وكما أن كُفران العشير سبب لِدخول النار ، فإن إحسان التبعّل سبب لِدخول الجنة ، وفي حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا صَلَّت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحَفِظَت فَرْجَها ، وأطاعت زوجها ، قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت . رواه الإمام أحمد . ولَمَّا أتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم امرأةٌ في حاجة فَفَرَغَتْ مِن حاجتها قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : أذات زوج أنت ؟ قالت : نعم . قال : كيف أنت له ؟ قالت : ما ألوه إلا ما عجزت عنه . قال : فانظري أين أنت منه ، فإنما هو جَنَّتُك ونَارُك . رواه الإمام أحمد والنسائي في الكبرى . وقال عليه الصلاة والسلام : لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، ولا تُؤدِّي المرأة حق الله عز وجل عليها كُلّه حتى تُؤدِّي حَقّ زوجها عليها كله ، حتى لو سألها نفسها وهى على ظهر قَتب لأعطته إياه . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه . وهذا يُبيِّن عِظَم حقّ الزوج على زوجته ، وأن حقّه عليها أعظم من حقِّها عليه . قال الماوردي : له رفع العقد دونها ، ويلزمها إجابته إلى الفراش ، ولا يلزمه إجابتها . اهـ . 17= هل فيه تنقّص للمرأة ؟ الجواب : لا لأن الإخبار أن النساء أكثر أهل النار له سبب ، وقد بيّنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أنهن يُكثرن اللعن ويكفُرن العشير ، وهذا في حق من توجَد فيها هذه الصفة ، ولا يعني أنه لا يُوجد في النساء من تحفظ المعروف وتعرف حقّ العشير ، ولا يجري اللعن على لسانها . وكما أن النساء أكثر أهل النار ، فكذلك هُنّ أكثر أهل الجنة . 18= إطلاق وصف الكُفر على كُفران النعمة ، وهو كُفر أصغر ، والكُفر الأصغر أكبر من الكبائر ، كما بيّنه العلماء . فيجب على النساء الحذر من كُفران العشير . 19= الْحُلِيّ : بِضَمّ الحاء وكسرها ، والضمّ أشهر . قال ابن الأثير : الحَلْيُ اسم لكل ما يُتَزيَّن به من مَصاغ الذهب والفِضَّة ، والجمعُ حُلِيٌّ بالضم والكسر . وجمع الحِلْيَة حِلًى ، مثل لِحْيَة ولِحًى ، وربَّما ضُمَّ . اهـ . 20= في الحديث " مُبَادَرَة تِلْكَ النِّسْوَة إِلَى الصَّدَقَةِ بِمَا يَعِزُّ عَلَيْهِنَّ مِنْ حُلِيِّهِنَّ مَعَ ضِيقِ الْحَالِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ، دَلالَةٌ عَلَى رَفِيعِ مَقَامِهِنَّ فِي الدِّينِ وَحِرْصِهِنَّ عَلَى اِمْتِثَالِ أَمْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنْهُنَّ". قاله ابن حجر . 21= الأقراط : كل ما عُلِّق بِشحمة الأذن . قال ابن الأثير : القُرْط : نَوْع من حُلِيِّ الأذُن معروف ، ويُجْمع على أقْراط وقِرَطة وأقْرِطة . اهـ . قَالَ اِبْن دُرَيْدٍ : كُلّ مَا عُلِّقَ مِنْ شَحْمَة الْأُذُن فَهُوَ قُرْط سَوَاء كَانَ مِنْ ذَهَب أَوْ خَرَز . نقله النووي . 22= في الحديث جواز تخريم الأذان ؛ لأنه كان معروفا عندهم . 23= الخواتيم : قال النووي : الْخَوَاتِيم جَمْع خَاتَم ، وَفِيهِ أَرْبَع لُغَات : فَتْح التَّاء وَكَسْرهَا ، وَخَاتَام وَخَيْتَام . اهـ . 24= وفي الحديث جواز التصدّق بالشيء المستعمل إذا كان له قيمة ، أو كان مما يحتاجه الناس . وفي حديث جرير رضي الله عنه قوله عليه الصلاة والسلام : " تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ ، مِنْ دِرْهَمِهِ ، مِنْ ثَوْبِهِ" رواه مسلم . 25= جواز جَمْع الصدقات في المسجد للحاجة ، وحديث جرير رضي الله عنه صريح في ذلك ، وهو مُخرّج في صحيح مسلم ، وفيه : ثُمَّ خَطَبَ فَقَال : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) ، وَالآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ (اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ) ، تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ ، مِنْ دِرْهَمِهِ ، مِنْ ثَوْبِهِ ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ ، حَتَّى قَالَ : وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ. قَال : فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا ، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ ، قَال : ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ . 26= جواز تصدّق المرأة من مالها ، وهو بِخلاف التصرّف العام في مالها . قال النووي : وَفِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز صَدَقَة الْمَرْأَة مِنْ مَالهَا بِغَيْرِ إِذْن زَوْجهَا وَلا يَتَوَقَّف ذَلِكَ عَلَى ثُلُث مَالهَا ، هَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور ، وَقَالَ مَالِك : لا يَجُوز الزِّيَادَة عَلَى ثُلُث مَالهَا إِلاَّ بِرِضَاءِ زَوْجهَا . اهـ . وفي الأحاديث مَنْع المرأة من التصرّف في مالها إذا مَلَك الزوج عصمتها . قال عليه الصلاة والسلام : لا يجوز لامرأة أمْر في مالها إذا ملك زوجها عصمتها . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه ، وصححه الألباني . وفي رواية : إذا ملك الرجل المرأة لم تجز عطيتها إلاَّ بإذنه . رواه أبو داود الطيالسي والبيهقي في الكبرى ، وحسنه الألباني . ولَمَّا سُئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي النساء خير ؟ قال : التي تسرّه إذا نظر، و تطيعه إذا أمر ، و لا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يَكره . رواه الإمام أحمد والنسائي . وقوله عليه الصلاة والسلام : ليس للمرأة أن تنتهك شيئا من مالها إلا بإذن زوجها . رواه الطبراني . وهذا الحديث أورده الشيخ الألباني رحمه الله في الصحيحة ثم قال : وهذا الحديث يدل على أن المرأة لا يجوز لها أن تتصرف بمالها الخاص بها إلا بإذن زوجها ، وذلك من تمام القوامة التي جعلها ربنا تبارك وتعالى له عليها ، ولكن لا ينبغي للزوج – إذا كان مُسلماً صادقاً – أن يستغل هذا الحكم فيُجبر زوجته ويمنعها من التصرّف في مالها فيما لا ضير عليهما منه ، وما أشبه هذا الحق بِحَقّ وليّ البنت التي لا يجوز لها أن تُزوّج نفسها بدون إذن وليّها ، فإذا أعضلها رَفَعت الأمر إلى القاضي الشرعي ليُنصفها، وكذلك الـحُـكم في مال المرأة إذا جَارَ عليها زوجها فمنعها من التصرّف في مالها ، فالقاضي يُنصفها أيضا . فلا إشكال على الْحُكم نفسه ، وإنما الإشكال في سوء التصرف به . اهـ . 27= تأخّر النساء إذا حَضَرْن صلاة الرِّجَال أو مَجَامِعهم يَكُنّ بِمعزل عنهم خوفا من فِتنة ، أو نَظرة ، أو فِكر ونحوه . قاله ابن الملقِّن . فإذا كان هذا في مواسم الخيرات والأعياد الشرعية والعبادات ، فكيف بغيره من أماكن الفتنة ، كالأسواق والمدارس ؟! 28= لا سُـنَّـة قَبلية للعيد ، فلا يُصلَّى قبلها ولا بعدها ، ولا تحيّة لِمُصلَّى العيد . وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما : صَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلا بَعْدَهَا . رواه البخاري ومسلم . والله أعلم . كتبه : فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 02:56 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى