هل شك إبراهيم عليه السلام في قدرة الله على إحياء الموتى ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال : ( رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ) هل شك إبراهيم عليه السلام في قدرة الله على إحياء الموتى؟ بارك الله فيكم وجزاكم خيرا _____________________________________ الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وجزاك الله خيرا ، وبارك الله فيك . لم يَشُكّ إبراهيم عليه الصلاة والسلام في إحياء الموتى ، والآية صريحة أنه لم يَشُكّ . قال تعالى : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) ؛ فهو مؤمن بأن الله يُحيي الموتى ، ولكنه أراد الزيادة وهي اليقين . قال الإمام البغوي : حُكِيَ عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى الْمُزَنِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : لَمْ يَشُكَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلا إِبْرَاهِيمُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فِي أَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ، وَإِنَّمَا شَكَّا أَنْ يُجِيبَهُمَا إِلَى مَا سَأَلاه . وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ : مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) ، قَالَ : أَعْلَمُ أَنَّكَ تُجِيبُنِي إِذَا دَعَوْتُكَ ، وَتُعْطِينِي إِذَا سَأَلْتُكَ . قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ : لَيْسَ فِي قَوْلِهِ : " نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ " ، اعْتِرَافٌ بِالشَّكِّ عَلَى نَفْسِهِ وَلا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ، وَلَكِنْ فِيهِ نَفْيُ الشَّكِّ عَنْهُمَا ، يَقُولُ : إِذَا لَمْ أَشُكَّ أَنَا وَلَمْ أَرْتَبْ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى ، فَإِبْرَاهِيمُ أَوْلَى بِأَنْ لا يَشُكَّ وَلا يَرْتَابَ ، وَقَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّوَاضُعِ وَالْهَضْمِ مِنَ النَّفْسِ . وَفِيهِ الإِعْلامُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ قِبَلِ إِبْرَاهِيمَ لَمْ تُعْرَضْ مِنْ جِهَةِ شَكٍّ ، لَكِنْ مِنْ قِبَلِ زِيَادَةِ الْعِلْمِ ، فَإِنَّ الْعِيَانَ يُفِيدُ مِنَ الْمَعْرِفَةِ وَالطُّمَأْنِينَةِ مَا لا يُفِيدُ الاسْتِدْلالُ . وَقَوْلُهُ : (لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) ، أَيْ : بِيَقِينِ النَّظَرِ . اهـ . ونقل ابن بطّال قول ابن قتيبة : وقوله : " نحن أحق بالشك من إبراهيم " ، فإنه لَمَّا نَزَل عليه : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى) الآية . قال قوم سمعوا الآية : شَكّ إبراهيم ولم يَشُكّ نَبِينا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أحق بالشك من إبراهيم " تواضعا وتقديما لإبراهيم على نفسه . يريد : إنّا لم نَشُك ونحن دونه ، فكيف يَشُكّ هو ؟ ... وتأويل قول إبراهيم : (وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) أي : بِيَقِين البَصَر . واليقين جِنْسَان : أحدهما : يَقِين السمع ، والآخر : يَقِين البَصَر . ويقين البصر أعلاهما ؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ليس الْخَبَر كَالْمُعَايَنة " حين ذَكَر قوم موسى وعُكُوفِهم على العِجْل قال : فأعلمه الله أن قومه عَبَدوا العِجل ، فلم يُلْق الألواح ، فلما عايَنَهم عاكفين عليه غَضِب وألْقَى الألواح فتَكَسّرت . وكذلك المؤمنون بالقيامة والبعث والجنة والنار مُتَيَقِّنُون أن ذلك كله حق ، وهم في القيامة عند النظر والعَيَان أعلى يَقِينا ، فأراد إبراهيم أن يطمئن قلبه بالنَّظر الذي هو أعلى اليقين . ثم قال ابن بطّال : وقال غير ابن قتيبة : لم يَشُكّ إبراهيم عليه السلام أن الله يحيى الموتى وإنما قال : أرني كيف ؟ والجهل بالكيفية لا يَقدح في اليقين بالقُدرة إذ ليس من المؤمنين أحدٌ يؤمن بالغيوب وبِخَلق السموات والأرض إلاّ وقد يجهل الكيفية ، وذلك لا يَقدح في إيمانه . اهـ . وسبق الجواب عن : لماذا تعجّب زكريا عليه السلام من إجابة دعوته ؟ http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=38 والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 07:42 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى