منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   منتـدى الحـوار العـام (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=2)
-   -   وقفة مع حديث نبوي: ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما . (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14421)

طالبة علم 28-03-2016 11:40 PM

وقفة مع حديث نبوي: ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما .
 
وقفة مع حديث نبوي: ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما

د. إبراهيم بن فهد بن إبراهيم الودعان


عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى نسائه، فقلْنَ: ما معَنَا إلا الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يَضم أو يُضيِّف هذا؟ فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطَلَق به إلى امرأته فقال: أَكرِمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ما عندنا إلا قوت صبياني، فقال: هيئي طعامك، وأصبِحِي سراجَك، ونوِّمي صبيانك إذا أرادوا عشاءً.

فهيَّأت طعامها، وأصبحت سراجها، ونوَّمت صبيانها، ثم قامت كأنها تُصلِح سراجها فأطفأته، فجعلا يُريانِه أنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلمَّا أصبَحَ غَدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((ضحكَ الله الليلة - أو عجب - من فعالكما)) فأنزل الله: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9][1].


من فوائد الحديث:

1 - اسم هذا الأنصاري قيل: هو أبو المتوكِّل ثابت بن قيس، وقيل: إنَّه من أهل الصُّفَّة، وقيل: إنَّه أبو هريرة رضي الله عنه.


2 - قول المرأة: "ما عندنا إلا قوت صبياني" يَحتمل أن الصبيان لم يكونوا محتاجين إلى الأكل، وإنما تطلبُه أنفسهم على عادة الصبيان من غير جوع يضرُّ، فإنهم لو كانوا على حاجة بحيث يضرُّهم ترك الأكل، لكان إطعامهم واجبًا يقدم على الضيافة، وقد أثنى الله عليهما، فدل أنهما لم يَترُكا واجبًا، أو يقال: إنها علمت صبرهم عن العشاء تلك الليلة؛ لأن الإنسان قد يصبر ساعة عن الأكل ولا يتضرَّر به ولا يجهده.


3 - قوله: "فباتا طاويين"؛ أي: ناما جائعين، وإذا جاع الرجل، انطوى جلد بطنه.


4 - جواز نفوذ فعل الأب على الابن وإن كان مُنطويًا على ضرر، إذا كان ذلك من طريق النظر، وأن القول فيه قول الأب والفعل فعله.


5 - كان ذلك الإيثار لقضاء حق الرسول صلى الله عليه وسلم في إجابة دعوته، والقيام بحق ضيفه[2].


6 - قوله: "فقلْنَ: ما معَنا - أي: ما عندنا - إلا الماء" فيه ما يُشعر بأنَّ ذلك كان في أول الحال، قبل أن يفتح الله لهم خيبر وغيرها.

7 - قال ابن حجر رحمه الله: "ونسبة الضَّحك والتعجب إلى الله مجازية، والمراد بهما الرضا بصنيعهما"[3]، وهذا الكلام فيه تَعَسُّفٌ وتحريفٌ لظاهر النص؛ إذْ في الحديث إثبات صفتين لله سبحانه، وهما: الضَّحِك والعَجَب، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وهو ضحك حقيقي، لكنه لا يماثل ضحك المخلوقين، ضحك يليق بجلاله وعظمتِه، ولا يُمكن أن نمثِّله"[4]، وقال في صفة العجب: "وقد دلَّ على هذه الصفة القرآن الكريم؛ قال الله تعالى: ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ﴾ [الصافات: 12] على قراءة ضمِّ التاء"[5].


8 - كَرَمُ الأنصار، مع ما فيه بعضهم من ضَنك العيش، وقلَّة ذات اليد.

9 - لم يكن في بيوتات النبي صلى الله عليه وسلم طعام لكي يضيِّف هذا الرجل.


10 - المبادرة إلى الخير، والاستجابة السريعة لطلب النبي صلى الله عليه وسلم.

11 - حصول الأجر والثواب من الله، وكذلك التعجُّب والضحك منه سبحانه لما فعل الصحابي وزوجه.


12 - أخفى راوي الحديث الصحابيين، اللذَيْن يدور الحديث حولهما، إمَّا لأنَّه لا فائدة من ذكرهما، أو لأنه نسي اسمَيهما، أو للستر عليهما للمصلحة، وأرجِّح الثالث.


13 - اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بضيفه، وحرصه على أنْ يُضيَّف تلك الليلة، وهذا من كرمه صلى الله عليه وسلم، وكمال أخلاقه.


14 - لمَّا أكرمَ ضيفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكرمه الله، وأنزل فيه قرآنًا يُتلى إلى يوم القيامة.


15 - قوله: "هيئي طعامك، وأصبحي سراجك، ونومي صبيانك"، جاء هذا السجعُ عفْويًّا، وبلا تكلُّف، وكأنَّه يُشير إلى أنَّ حالهم ليس فيه تكلُّف، بسيط بلا تصنُّع؛ فالجود من الموجود.

16 - كان الصبيةُ صغارًا مَقدورًا عليهم، أو أنَّ الله سبحانه أعطى هذا الصحابيَّ كرامةً؛ بأن أنام صبيانه كلَّهم من أجل صنيعه بضيف النبي صلى الله عليه وسلم.


17 - كان لا بُدَّ من إطفاء السراج، مع إصدار صوت الآكل الذي يأكل الطعام؛ حتى تتمَّ عملية حَبْك الموقف، وليتوهَّم الضيف أن أهل البيت يشاركونه الطعام؛ لأنَّه كان قليلاً لا يكفي المجموعة كلها، فكان لا بد من الحيلة ليأخذ الضَّيف راحته في الأكل.


18 - الجوع أمره عظيم؛ فهو يُغيِّر سلوكَ الإنسان، وقد يوصله إلى الكفر بالله؛ لذلك تعوَّذ منه النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنه بئس الضجيع))[6].


20 - تعاون الزوج وزوجته على البرِّ والتقوى.


21 - أنَّ من صفات الله سبحانه الثابتة: الضحك، والعَجَب.


22 - الصراحة والوضوح في الحياة الزوجيَّة؛ حيث أخبرته بقولها: "ما عندنا إلا قوت صبياني".


[1] صحيح البخاري 1 / 69 رقم: 3798، صحيح مسلم 3 / 1264 رقم: 2054.

[2] من 1 - 5 مستفاد من: التوضيح لشرح الجامع الصحيح؛ لابن الملقن 23 / 376 وما بعدها.

[3] من 6 - 7 مستفاد من: فتح الباري؛ لابن حجر 7 / 119.

[4] شرح العقيدة الواسطية؛ لابن العثيمين رحمه الله 2 / 24.

[5] المرجع السابق 2 / 28.

[6] سنن أبي داود 1 / 567 رقم: 1549، سنن النسائي الكبرى 4 / 452 رقم: 7851، سنن ابن ماجه 2 / 1113 رقم: 3354، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود 5 / 271، وفي صحيح الجامع 1 / 275 رقم: 1283
.

محب العلماء 25-09-2016 04:07 PM

جزاكم الله خيرا


الساعة الآن 10:19 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى