الحديث الـ 249 في مَوْقِف مَن يَرمي جَمْرَة العَقَبة
الحديث الـ 249 في مَوْقِف مَن يَرمي جَمْرَة العَقَبة
عنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ : أَنَّهُ حَجَّ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ . فَرَآهُ رَمَى الْجَمْرَةَ الْكُبْرَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ , وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ . ثُمَّ قَالَ : هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ صلى الله عليه وسلم . فيه مسائل : 1= قال الإمام الذهبي : عبد الرحمن بن يزيد بن قيس ، الإمام الفقيه ، أبو بكر النخعي ، أخو الأسود بن يزيد . اهـ . 2= حج مع ابن مسعود : فيه الحج مع أهل العلم والإفادة منهم . 3= فَرَآهُ رَمَى الْجَمْرَةَ الْكُبْرَى : يعني : يوم النحر . 4= الْجَمْرَةَ الْكُبْرَى : وهي التي تُسمّى : جَمْرة العَقَبة . وتسميتها بالكبرى ؛ لأنها تَنفرد بالرَّمي يوم النحر . وتسميتها بالعقبة نسبة إلى الجبل الذي كانت ملتصقة به ، وهو الذي وَقَعَت عنده بيعة العقبة المشهورة . 5= بِسَبْعِ حَصَيَات : هذا الواجب في الرمي ، أن يكون الرمي بِسبع حصيات . 6= جاء في وصف حصى الجمار : مثل حصى الْخَذْف . كما في صحيح مسلم . قال الترمذي بعد روايته الحديث : هذا حديث حسن صحيح ، وهو الذي اختاره أهل العلم أن تكون الجمار التي يُرمى بها مثل حَصى الْخَذْف . اهـ . وقال النووي : فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اِسْتِحْبَاب كَوْنِ الْحَصَى فِي هَذَا الْقَدْر ، وَهُوَ كَقَدْرِ حَبَّة الْبَاقِلاّء ، وَلَوْ رَمَى بِأَكْبَر أَوْ أَصْغَر جَازَ مَعَ الْكَرَاهَة . اهـ . قال القاضي عياض: الْخَذْف بسكون الذال ، وصيد الْخَذْف هو الرَّمي بِحصا أو نَوى بين السبابتين ، أو بين الإبهام والسبابة . اهـ . وقال الفيروز آبادي : الخَذْفُ ، كالضَّرْبِ ، رَمْيُكَ بِحَصاةٍ أو نَواةٍ أو نَحْوِهِما ، تَأْخُذُ بَيْنَ سَبَّابَتَيْكَ تَخْذِفُ به ، أو بِمِخْذَفَةٍ من خَشَبٍ . اهـ . 7= قوله : " فَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ , وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ " بعد قوله : " فَرَآهُ رَمَى الْجَمْرَةَ الْكُبْرَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ " لا يقتضي الترتيب ، أي : لم يكن جعله الكعبة عن يساره ومِنى عن يمينه بعد أن رَمى ، وإنما جعل البيت عن يساره ومِنى عن يمينه ووجهه جِهة الشرق وَقت الرمي . 8= قوله : " وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ " أليس هو في منى ؟ فكيف يجعل منى عن يمينه ؟ الجواب عن ذلك : أنه جَعَل مُعظَم مِنى عن يمينه ؛ لأن الجمرة الكبرى في آخر منى ، وهي على حدّها من جهة مكة . 9= السنة عند الرمي أن يكون وَجه الرامي جهة الشرق ، ويمينه جهة منى ، ويساره جهة مكة . فإن لم يتيسّر ذلك بسبب الزحام ، فَلَه أن يرمي مِن أي جهة . 10= تخصيص سورة البقرة : لأنها اشتملت على أحكام المناسك . " فَإِنَّمَا خَصَّ الْبَقَرَة لأَنَّ مُعْظَم أَحْكَام الْمَنَاسِك فِيهَا ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : هَذَا مَقَام مَنْ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ الْمَنَاسِك وَأُخِذَ عَنْهُ الشَّرْع ، وَبَيَّنَ الأَحْكَام فَاعْتَمِدُوهُ " . قاله النووي . ولا مفهوم لِقوله : " هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ صلى الله عليه وسلم " ؛ لأن ابن مسعود مِن أهل القرآن ، الذين أخذوه وأخذوا به ، وكان ممن يُقرئ القرآن . 11= جواز قول : سورة البقرة ، ونحو ذلك . قال النووي : وَفِيهِ : دَلِيل عَلَى جَوَاز قَوْل : سُورَة الْبَقَرَة وَسُورَة النِّسَاء وَشِبْه ذَلِكَ ، وَكَرِهَ ذَلِكَ بَعْض الأَوَائِل ، وَقَالَ : إِنَّمَا يُقَال : السُّورَة الَّتِي تُذْكَر فِيهَا الْبَقَرَة ، وَالسُّورَة الَّتِي تُذْكَر فِيهَا النِّسَاء ، وَشِبْه ذَلِكَ ، وَالصَّوَاب جَوَاز قَوْل : سُورَة الْبَقَرَة وَسُورَة النِّسَاء ، وَسُورَة الْمَائِدَة وَغَيْرهَا ، وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدهمْ ، وَتَظَاهَرَتْ بِهِ الأَحَادِيث الصَّحِيحَة مِنْ كَلام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَة - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ - كَحَدِيثِ : " مَنْ قَرَأَ الآيَتَيْنِ مِنْ آخِر سُورَة الْبَقَرَة فِي لَيْلَة كَفَتَاهُ " وَاَللَّه أَعْلَم . اهـ . وقال ابن مسعود رضي الله عنه وهو في مزدلفة: سَمِعْتُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ يَقُولُ فِي هَذَا الْمَقَامِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ . رواه البخاري ومسلم . وبهذا رُدّ على الحَجّاج ، حيث كان يقول عَلَى الْمِنْبَرِ : السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ ، وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ ، وَالسُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا النِّسَاءُ . قال الأعمش : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لإِبْرَاهِيمَ ، فَقَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – فَذَكَرَه – . رواه البخاري ومسلم . 12= ليس بعد رمي جمرة العقبة دعاء ، سواء في يوم النحر ، أو في أيام التشريق ، أيام مِنى . 13= قوله رضي الله عنه : " هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ صلى الله عليه وسلم " . في رواية للبخاري : " هَكَذَا رَمَى الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وفي رواية لمسلم : قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ : إِنَّ نَاسًا يَرْمُونَ الْجَمْرَةَ مِنْ فَوْقِ الْعَقَبَةِ . قَالَ : فَرَمَاهَا عَبْدُ اللَّهِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي ، ثُمَّ قَالَ : مِنْ هَا هُنَا - وَالَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ - رَمَاهَا الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ . والقسم للتأكيد . وهو عند البخاري أيضا . 14= حُجّية قول الصحابي إذا لم يُخالف النص ، أو لم يُخالفه غيره ، وتقديم أقوال الصحابة على من بعدهم والله تعالى أعلم . شرح فضيلة الشيخ : عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 02:20 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى