هل صحّ دليل في أنّ الصبر والصوم والصفح لا تدخل الموازين يوم القيامة لِعِظَمِها ؟
ثلاثة أعمال لا تدخل الموازين يوم القيامة لعظمها : - العفو عن الناس قال تعالى: { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } فلم يحدد اﻷجر لعظمة هذا الفعل فاصفحوا وسامحوا طمعا في أجر لا حدود له -الصبر قال تعالى : {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} لم يحدد اﻷجر - الصيام عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قال الله عز وجل كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ) رواه الشيخان لم يحدد اﻷجر وينادي مُنادٍ يوم البعث: أين الذين أجرهم على الله ؟ فـيقبل الصابرون والصائمون والعافين عن الناس - صوموا / واصبروا / واصفحوا جعلني الله وإياكم ممن ينادى عليهم بهذا النداء الجواب : غير صحيح أن هذه الأعمال لا تدخل الموازين يوم القيامة لعظمها .. وإنما فيها أن ثواب هذه الأعمال عظيم ، يُجزَى فيها الإنسان بغير مُقابِل ، كما قال عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُلُّ مُطِيعٍ يُكَالُ لَهُ كَيْلًا ويوزن له وزنا إلّا الصابرين، فَإِنَّهُ يُحْثَى لَهُمْ حَثْيًا. وقال القرطبي في قوله تعالى : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) أَيْ : بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ. وَقِيلَ: يُزَادُ عَلَى الثَّوَابِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ لَكَانَ بِحِسَابٍ . وَقِيلَ: بِغَيْرِ حِسابٍ، أَيْ : بِغَيْرِ مُتَابَعَةٍ وَلَا مُطَالَبَةٍ كَمَا تَقَعُ الْمُطَالَبَةُ بِنَعِيمِ الدُّنْيَا. اهـ . وليس هناك دليل - فيما أعلم - ينصّ على عدم دخول هذه الأعمال في الموازين . ثم إن عموم الأدلة الدالة على وزن الأعمال يدلّ على دخول جميع الأعمال في الموازين ، ولا يُستثنى من هذا العموم شيء إلاّ بِدليل صريح . وليس هناك تلازُم بين كون ثواب هذه الأعمال عظيم وبين عدم دخولها في الميزان . كما أن الصيام يدخله القصاص في الاقتصاص للمظالم يوم القيامة ، وإذا دخله القصاص دَخَله الوَزْن ، فيما يظهر . ففي حديث المفلس : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ ، وَصِيَامٍ ، وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ . رواه مسلم . والله تعالى أعلم. المجيب فضيلة الشيخ/عبد الرحمن بن عبد الله السحيم |
الساعة الآن 02:36 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by
Sherif Youssef
يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى