منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   إرشــاد الـصــلاة (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=9)
-   -   ما حكم حجز المكان في المسجد ؟ وهل للمؤذِّن حجز مكان خاص له ؟ (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13403)

عبد الرحمن السحيم 12-07-2015 12:26 AM

ما حكم حجز المكان في المسجد ؟ وهل للمؤذِّن حجز مكان خاص له ؟
 
السؤال :

ما حكم حجز المكان في المسجد ؟ وهل للمؤذِّن حجز مكان خاص له ؟

http://www.almeshkat.net/vb/images/bism.gif


الجواب :

لا يجوز حجز مكان في المسجد ، لا للمؤذِّن ولا لِغَيره ؛ لِنَهيِه عليه الصلاة والسلام عن توطّن المكان .

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَن بن شِبْلٍ رضيَ اللّهُ عنه : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ ، وَافْتِرَاشِ السَّبْعِ ، وَأَنْ يُوَطِّنَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يُوَطِّنُ الْبَعِيرُ . رواه الإمام أحمد والدارمي وأبو داود والنسائي ، وحسنه الألباني .

قال العيني في معناه : أن يألف الرجل مكانا معلوما من المسجد لا يُصَلِّي إلاَّ فيه ، كالبعير لا يأوي مِن عطنه إلاَّ إلى مَبْرك دَمث قد أوْطَنه ، واتَّخذه مناخَا لا يَبرك إلاَّ فيه . اهـ .

وحجز المكان في المسجد حرام .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مِنْ تَقْدِيمِ مَفَارِشَ إلَى الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا قَبْلَ ذَهَابِهِمْ إلَى الْمَسْجِدِ ؛ فَهَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ؛ بَلْ مُحَرَّمٌ . اهـ .
وقال : وَالْمَأْمُورُ بِهِ أَنْ يَسْبِقَ الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ إلَى الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا قَدَّمَ الْمَفْرُوشَ وَتَأَخَّرَ هُوَ فَقَدْ خَالَفَ الشَّرِيعَةَ مِنْ وَجْهَيْنِ:
مِنْ جِهَةِ تَأَخُّرِهِ ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالتَّقَدُّمِ .
وَمِنْ جِهَةِ غَصْبِهِ لِطَائِفَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ وَمَنْعِهِ السَّابِقِينَ إلَى الْمَسْجِدِ أَنْ يُصَلُّوا فِيهِ ، وَأَنْ يُتِمُّوا الصَّفَّ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ ، ثُمَّ إنَّهُ يَتَخَطَّى النَّاسَ إذَا حَضَرُوا . اهـ .

وسُئل شيخنا الشيخ ابن باز رحمه الله : عن حجز الأماكن يوم الجمعة وحبسها لأُنَاس خلف الإمام ، ومنع مَن جاء ليجلس فيها .
فأجاب رحمه الله : المسجد لِمَن سَبَق ، فلا يجوز لأحدٍ أن يحجز مكانا في المسجد، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلاَّ أن يَسْتَهِمُوا عليه لاستهموا . أي : لاقْتَرَعُوا، فحَجْزُه أمْرٌ لا يجوز ، وغَصْب للمكان ، ولا حَقَّ لِمَن غَصبه، فالسابق أولى منه وأحق به حتى يتقدم الناس إلى الصلاة بأنفسهم . اهـ .

وسُئل شيخنا العثيمين رحمه الله : عن حكم حجز المكان في المسجد ؟
فأجاب رحمه الله : إذ كان الذي حَجزها خرج من المسجد ؛ فهذا حرام عليه ، ولا يجوز ، لأنه ليس له حق في هذا المكان، فالمكان إنما يكون للأول فالأول، حتى إن بعض فقهاء الحنابلة يقول: إن الإنسان إذا حجز مكانا وخرج من المسجد ، فإنه إذا رجع وصلى فيه فصلاته باطلة ، لأنه قد غصب هذا المكان ؛ لأنه ليس من حقه أن يكون فيه وقد سبقه أحد إليه ، والإنسان إنما يتقدم بِبَدَنِه لا بِسُجّادته أو منديله أو عَصَاه ، ولكن إذا كان الإنسان في المسجد ووضع هذا ، وهو في المسجد ، لكن يحب أن يكون في مكان آخر يسمع درسا ، أو يَتَّقِي عن الشمس ونحو ذلك ؛ فهذا لا بأس به ، بشرط أن لا يتخطى الناس عند رجوعه إلى مكانه ، فإن كان يلزم مِن رُجوعه تَخَطِّي الناس وَجَب عليه أن يتقدم إلى مكانه إذا حاذاه الصف الذي يليه لئلا يؤذي الناس .

وسُئل رحمه الله عن ما يفعله كثير من الناس مِن حجز المكان في المسجد الحرام أو في غيره، يضع كرسي أو المصحف مثلاً على مكانه ويأتي بعد ست أو سبع ساعات ويحجز عن غيره من المسلمين الذين يأتون قبله ، فهل هذا جائز أم لا ؟
فأجاب رحمه الله بقوله : الذي نرى في حجز الأماكن في المسجد الحرام أو في غيره من المساجد أنه إن حجز وهو في نفس المسجد، أو خرج من المسجد لعارِض وسيرجع عن قُرب ؛ فإنه لا بأس بذلك، لكن بشرط إذا اتصلت الصفوف يقوم إلى مكانه ولا يتخطى الرقاب .
وأما ما يفعله بعض الناس يحجز ويذهب إلى بيته وينام ويأكل ويشرب، أو إلى تجارته يبيع ويشتري، فهذا حرام ، ولا يجوز ، هذا هو القول الصحيح في هذا المسألة ، لكن قد يَرِد علينا مسألة الحجز في مِنى فإنه يُذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له : ألا نَبْنِي بناء ، يعني في مِنى ، فقال: "منى، مناخ من سبق " فنقول: إذا حَجَز الناس في مِنى فاحْجز ، لأنه لو لم تفعل ما وجدت مكانا ، ولو أن الناس كلهم اتقوا الله عز وجل ، وتركو الحجز ، وصار مَن سَبَق فهو أحق ، فهذا هو الخير ، لكن الآن الأمر بالعكس . اهـ .

وينبغي للكبير مِن أهل العِلم أن لا يُوطِّن نفسه في مكان بحيث يُعرف به ، ويُتْرَك له ، وإذا دخل المسجد وَسّعوا له .
قال المروزي: كان أبو عبد الله [ الإمام أحمد بن حنبل ] يَقوم خَلف الإمام ، فجاء يوما وقد تَجَافى الناس أن يُصَلِّي أحَدٌ في ذلك الموضع ، فاعتزل ، وقام في طَرَف الصف ، وقال : قد نُهِي أن يَتَّخِذَ الرَّجُل مُصَلاَّه مثل مربض البعير .

بل في صحة صلاة مَن حجز مكانا في المسجد : نَظَر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَهَلْ تَصِحُّ صَلاتُهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَفْرُوشِ؟ فِيهِ قَوْلانِ لِلْعُلَمَاءِ ؛ لأَنَّهُ غَصَبَ بُقْعَةً فِي الْمَسْجِدِ بِفَرْشِ ذَلِكَ الْمَفْرُوشِ فِيهَا ، وَمَنَعَ غَيْرَهُ مِنْ الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ يَسْبِقُونَهُ إلَى الْمَسْجِدِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ . وَمَنْ صَلَّى فِي بُقْعَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ مَعَ مَنْعِ غَيْرِهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا : فَهَلْ هُوَ كَالصَّلاةِ فِي الأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ .
وَفِي الصَّلاةِ فِي الأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ قَوْلانِ لِلْعُلَمَاءِ .
وَهَذَا مُسْتَنَدُ مَنْ كَرِهَ الصَّلاةَ فِي الْمَقَاصِيرِ الَّتِي يمنع الصَّلاة فِيهَا عُمُوم النَّاسِ . اهـ .

ولا يجوز للمؤذِّن حجز مكان خاص به ، إلاّ أن يكون خَرَج للحاجة ، مثل : الوضوء ، أو يكون موجودا في المسجد لم يَخْرُج منه ، كأن يكون في آخر المسجد أو يحضر درسا ونحوه .
وذلك لأنه لا يَجوز للمؤذِّن ولا لِغيره أن يخرج مِن المسجد بعد الأذان .

وسبق :
ما حكم خروج المرأة من المسجد بعد الأذان ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11103

حكم حجز مكان في المسجد عند الذهاب لتجديد الوضوء ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8937

وعلى الأئمة تنبيه الناس إلى خطورة ذلك الفعل ، لا أن يُقِرّوا المأمومين على حجز المكان .

وللشيخ الفاضل د. عبد العزيز السدحان رسالة لطيفة بعنوان : " حُكم حجز المكان في المساجد " .

والله تعالى أعلم .


الساعة الآن 02:21 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى