منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   أصول الفقه (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=47)
-   -   هل قاعدة "لايعمل بالعام قبل البحث عن مخصصه" صحيحة ؟ (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=16939)

طالبة علم 03-10-2021 06:34 PM

هل قاعدة "لايعمل بالعام قبل البحث عن مخصصه" صحيحة ؟
 
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد

هل قاعدة "لايعمل بالعام حتى يبحث عن مخصصه" صحيحة ، أم هي من المقيدات التي تمنع العمل بالعام بلا داع معتبر ، أم أن هناك تفصيلا في هذه المسألة ، وقد قرأت كلاما لشيخ الإسلام ، رحمه الله ، في هذه المسألة ، نقله الشيخ الدكتور محمد يسري حفظه الله ، بتصرف ، في كتابه "المبتدعة وموقف أهل السنة منهم" ، جاء فيه :
"قال أحمد : "أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس" ، يريد بذلك أن لا يحكم بما دل عليه العام والمطلق قبل النظر فيما يخصه ويقيده ، ولا يعمل بالقياس قبل النظر في دلالة النصوص هل تدفعه ، فإن أكثر خطأ الناس تمسكهم بما يظنونه من دلالة اللفظ والقياس ، فالأمور الظنية لا يعمل بها حتى يبحث عن المعارض بحثا يطمئن القلب إليه ، وإلا أخطأ من لم يفعل ذلك ، وهذا هو الواقع في المتمسكين بالظاهر والأقيسة ، ولهذا جعل الاحتجاج بالظواهر مع الإعراض عن تفسير النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه طريق أهل البدع ، وكذلك التمسك بالأقيسة مع الإعراض عن النصوص والآثار طريق أهل البدع ، ولهذا كان كل قول ابتدعه هؤلاء قولا فاسدا ، وإنما الصواب من أقوالهم ما وافقوا فيه السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان" اهـــ ، وما فهمته من هذا القول أن شيخ الإسلام ، رحمه الله ، يعترض على هذه القاعدة ، فهل هذا الفهم صحيح ؟ أرجو التوضيح ، وأعتذر على الإطالة ، وجزاكم الله خيرا


الجواب:

وجزاك الله خيراً

فرق – حفظك الله – بين أنه لا يُعمَل بالعام حتى يُبَحث عن مُخصِّصه ، وبين أن يُجتَهد في طلب ذلك .
ولذلك عبارة الشاطبي دقيقة ، حيث قال :
لا يقتصر ذو الاجتهاد على التمسك بالعام مثلا حتى يبحث عن مخصصه ، وعلى المطلق حتى ينظر هل له مقيد أم لا ، إذا كان حقيقة البيان مع الجمع بينهما ، فالعام مع خاصِّه هو الدليل ، فإن فُقِد الخاص صار العام مع إرادة الخصوص فيه من قَبيل المتشابه . اهـ .

فالذي يظهر أنه يُعمَل بالعام ، ويُجتَهد في طلب التخصيص ، فإن معرفة انتفاء الْمُخَصِّص ميسورة .
قال الآمدي : ومعرفة انتفاء المخصص بطريق القطع ممكن ، وذلك بأن تكون المسألة المتمسك بالعموم فيها مما كثر الخلاف فيها بين العلماء وطال النِّزاع فيما بينهم فيها ، ولم يَطَّلِع أحد منهم على موجب للتخصيص مع كثرة بحثهم واستقصائهم . اهـ .
كما يُعمَل بالنصّ ويُبحَث عن ناسخه ، لأن الأصل عدم ذلك ، فإذا وُجِد النص وثبَت ، فإنه يُعمَل به ، ومتى ما تبيَّن الخصوص صار إليه ، ومتى ما تبيَّن النسخ صار إليه أيضا .

قال القاسمي في قواعد التحديث - في فوائد صحّة الحديث – :
الثمرة الخامسة : لزوم قبول الصحيح وإن لم يعمل به أحد - قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في رسالته الشهيرة : ليس لأحد دون رسول الله أن يقول إلا لاستدلال ولا يقول بما استحسن فإن القول بما استحسن شيء يحدثه لا على مثال سبق .
وقال أيضاً : إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى في الإبهام بخمس عشرة ، فلما وجد كتاب آل عمرو بن حزم ، وفيه : أن رسول الله قال : وفي كل إصبع مما هنالك عشر من الإبل . صارُوا إليه ... قال الشافعي : ولم يَقُل المسلمون : قد عمل فينا عمر بخلاف هذا من المهاجرين والأنصار ، ولم تذكروا أنتم أن عندكم خلافه ولا غير كم ، بل صاروا إلى ما وَجَب عليهم من قبول الخبر عن رسول الله ، وترك كل عمل خالفه .

ونقل القاسمي عن ابن العزّ قوله : ومن سمع الحديث فَعَمِل به وهو منسوخ فهو معذور إلى أن يبلغه الناسخ . اهـ .

وهكذا بالنسبة للعام والخاص ، فمتى لم يتبيَّن له مُخصِّص عمِل بما بَلَغه من العام ، ثم إذا بَلَغه الخصوص صار إليه .

والله تعالى أعلم .

المجيب فضيلة الشيخ/عبد الرحمن بن عبد الله السحيم



الساعة الآن 12:25 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى