منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   قسم القـرآن وعلـومه (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=20)
-   -   هل نجزم أن القاتل في النار ، وهل هو أخٌ لنا في الدِّين ؟ (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15283)

عبد الرحمن السحيم 30-09-2016 10:38 PM

هل نجزم أن القاتل في النار ، وهل هو أخٌ لنا في الدِّين ؟
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الجليل أشكر لك جهودك في هذا الموقع المفيد وأسأل الله أن يجعل كل كلمه تكتبها في ميزان حسناتك فكم استفدنا من فضيلتكم في كثير من الأسئلة التي كنا نجهلها فبارك الله فيك ووفقك
سؤالي من باب العلم قرأت ردك لأحد السائلين أن للقاتل توبة في الآية الكريمة ((والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون..))
وأنا قرأت في كتاب لأحد المفسرين أن آية ((ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها..))
لم تنسخها آية بعدها أن الشديدة نزلت بعد الهينة وليس للقاتل توبة إلا أن يستغفر الله
فأريد أن تشرح لي هل نجزم أن القاتل بالنار ، وهل هم إخواننا بالدين ؟

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

جاء عن السلف التشديد في قاتل المؤمن ، وذلك محمول على تغليظ الدماء ، وتشديد التحريم في قتل المؤمن .
وما في آية النساء هو على التغليظ ، وما ذُكِر فيها هو جزاؤه .
وقاتِل المؤمن مرتكب لكبيرة من أعظم الكبائر ، وأهل الكبائر تحت المشيئة ؛ إن شاء الله غفر لهم بِمنِّه وفضله وكَرَمِه ، وإن شاء عذّبهم .

والقاتل أخ للمؤمن بِنَصّ القرآن ، كما في قوله تعالى : (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) ، والغالب في القِتال وُقوع القَتْل .
وأصرَح من هذا : قوله تبارك وتعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ) .
فأثبَت الله الأخوة الإيمانية بين القاتِل وأولياء دم المقتول ، ونادَاهُم بِوَصف الإيمان في أول الآية : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ) .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يَضحك الله إلى رَجُلَين يَقْتل أحدهما الآخر يَدخلان الجنة ، يَقاتِل هذا في سبيل الله فيُقْتَل ، ثم يَتوب الله على القَاتِل ، فيُسلم فيُقاتِل في سبيل الله عز وجل ، فيُستَشهد . رواه البخاري ومسلم .

وأخبَر عن قبول توبة الذي قَتَل مائة نَفْس . كما في الصحيحين .

وسُئل عليّ رضي الله عنه عن أهل الجمل . قيل : أمُشرِكون هُم ؟ قال : مِن الشِّرك فَرّوا ، قيل : أمنافقون هُم ؟ قال : إن المنافقين لا يَذكرون الله إلاّ قليلا ، قيل : فما هُم ؟ قال : إخواننا بَغَوا عَلينا . رواه ابن أبي شيبة .

والخلاف في قبول توبة القاتل بحسب حال السائل .

فقد جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ : لِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا تَوْبَةٌ ؟ قَالَ : لاَ ، إِلاَّ النَّارُ ، فَلَمَّا ذَهَبَ قَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ : مَا هَكَذَا كُنْتَ تُفْتِينَا ، كُنْتَ تُفْتِينَا أَنَّ لِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا تَوْبَةٌ مَقْبُولَةٌ ، فَمَا بَالُ الْيَوْمِ ؟ قَالَ : إِنِّي أَحْسِبُهُ رَجُلاً مُغْضَبًا يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا ، قَالَ : فَبَعَثُوا فِي أَثَرِهِ فَوَجَدُوهُ كَذَلِكَ . رواه ابن أبي شيبة .

قال النووي : رُوي عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه سئل عن توبة القاتل ، فقال : لا توبة له . وسأله آخر ، فقال : له توبة ، ثم قال : أمّا الاول فَرَأيت في عينه إرادة القتل فمَنَعته ، وأمّا الثاني فجاء مُستَكينا قد قَتل فلم أقنِّطه . اهـ .

وعند البخاري في " الأدب المفْرَد " ما يدلّ على أن ابن عباس رضي الله عنهما يَرى قبول توبة القاتل .

وسبق :
سؤالي يتعلق بجرائم القتل وإزهاق الأرواح ، فهل لقاتل النفس مِن توبة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9212

هل تُقبَل توبة من زنا بِذات مَحْرَم إذا تاب وأناب ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13264

والله تعالى أعلم .


الساعة الآن 07:45 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى