يقول : " لا تُعيّروا الشباب في لِباسهم ، والرجولة خُلق وليست ملابس " ؟!
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله تعالى خير الجزاء على ما تقدمونه من عطاء كبير لنا
رفع ربي قدركم
لديّ سؤال : هذه الموضة من لبس الرجال للبنطال الذي يكاد أن يسقط ويبان جزء من الملابس الداخلية لهم ... يقول البعض لا تسخروا منهم في طرح قد وضع للنقاش..... ولا يدل لبس الرجال على (الرجولة بل خلق قبل أن تكون مظهر احترام وأدب وخلق وعنفوان بحق لا سخرية وتهكم بعباد الله ...)
فهل هذا صحيح؟ بارك الله بكم

http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا

هذا اللبس المشار إليه في السؤال لا يَمُتّ للرجولة بِصِلَة ، بل لا يرضاه دِين ، ولا يستحسنه عَقْل ، ولا يُقِرّه عُرْف ، ولا تقبله مروءة .

لأنه لبس الْمُخنّثين ، بل الممعنين في التخنّث !
ومثل هذه الطرق الْمَشِينة في اللبس لا يُمكن أن يلبسه مجنون !
بل ولا يُمكن أن يلبسه كافر في مجال عمله ، خاصة الأعمال المحترمة !

وقد كان اللبس يدلّ على الرجولة وكمال العقل حتى في أيام الجاهلية !
ولذلك كان الرجل منهم إذا كان مِن أهل الرفعة والشهرة لبس ثوبين .
ومن هنا كان من أراد التشبّه بأهل الرفعة والمكانة وضع له كُمّين ، حتى يبدو كأنه منهم !
ويدلّ على ذلك أن نبينا صلى الله عليه وسلم حينما سألته امرأة فقالت : إن لي ضَرَّة ، فهل علي جناح أن أتَشَبَّع مِن مال زوجي بما لم يعطني ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : الْمُتَشَبِّع بما لم يُعْطَ كَلابس ثَوبي زُور . رواه البخاري ومسلم .

قال الأزهري : معناه أن الرجُل يَجْعل لقميصه كُمَّين أحدهما فوق الآخر ليُرِيَ أن عليه قميصَين وهما واحِد .

قال ابن الأثير : وَرُوي عن إسحاق بن راهويه قال : سألت أبا الْغَمْر الأعرابي - هو ابن ابْنَة ذي الرُّمَّة - عن تفسير ذلك فقال : كانت العرب إذا اجتمعوا في المحافِل كانت لهم جماعة يَلْبَس أحدُهم ثوبَين حَسَنَيْن ، فإن احتاجوا إلى شهادة شَهِد لَهُمْ بزُور ، فَيُمْضون شهادته بِثَوبَيه . يقولون : ما أحْسنَ ثيابَه ؟ وما أحْسَن هيئته ؟ فيُجيزون شهادته لذلك . اهـ .

وقال الخطابي : والوجه الآخر ما يروى عن فلان أنه كان يكون في الحي الرجل له هيئة ونُبْل ، فإذا احتيج إلى شهادة زور شَهِد بها فلا يُرَد مِن أجل نُبْله وحُسن ثوبيه ، فأُضيف الشهادة إلى ثوبيه إذ كانا سبب جوازها ورواجها . اهـ .

كما أن العقل يَدُلّ على الكمال ، ويحجز صاحبه عن خوارم المروءة ، وكمال العقل يقتضي كمال الرجولة ، إذ أن السفيه لا يُوصَف بِكمال العقل .
ومِن السفه البيِّن ، بل وتخلّف العقل ، أن يلبس الإنسان مثل تلك الملابس التي لا يُقرِّها عقْل .
بل هي سَفَه واضح ، وسُقوط مروءة بَيِّن ، بل ومعصية لله إن تضمّن تحجيم أو إظهار عورة .

وقد اتّفق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أنه لا يعصي الله إلاّ جاهل ! لقوله تعالى : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) .
واتّفق العقلاء مِن أهل الإيمان أنه لا يعصي الله عاقِل كامِل العَقل ؛ لأن العَقل يحجز صاحبه عن المعصية ، ولذلك قالت مريم عليها السلام حينما رأت جبريل عليه السلام : (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) .
قال البخاري : وقال أبو وائل : عَلِمَتْ مَرْيَمُ أَنَّ التَّقِيَّ ذُو نُهْيَةٍ حتى قالت : (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) .
قال ابن حجر : وقوله : " نُهْيَة " : أي ذو عقل وانتهاء عن فِعل القبيح . اهـ .

وسبق :
قـصّــات رجـالـيّــة !!
http://www.saaid.net/Doat/assuhaim/115.htm

فلا يلبس تلك الملابس ، ولا يرضى تلك الطريقة في اللبس ، إلاّ مُخنّث كامل التخنّث !

وأما مَن عرّض نفسه للتهكّم والسخرية فلا يلومنّ إلاّ نفسه ، كما قال عمر رضي الله عنه : مَن عَرّض نفسه للتهمة فلا يلومنّ مَن أساء به الظن .

وفَرْق بَـيِّن بَيْن مَن وقع في المعصية وبيْن مَن أصرّ عليها .
فالأول يُدعَى له ، والثاني قد يُدْعَى عليه ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال لِرَجُل أكَل بِيَدِه اليسرى : فَقَالَ : كُلْ بِيَمِينِكَ . قَالَ : لا أَسْتَطِيعُ . قَالَ : لا اسْتَطَعْتَ ! مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الْكِبْرُ . قَال سلمة بن الأكوع رضي الله عنهما : فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ . رواه مسلم .
وهذا تشديد في الإنْكَار ، ودُعاء على الْمُعانِد .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض