هل يجوز إخفاء حقيقة المرض على المصاب بمرض يتعذر علاجه ؟
 

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الفاضل حفظكم الله
سائلة تقول: والدتي أصابها مرض خطير وصل إلى مرحلة يتعذر علاجها , وقد أخفينا عليها حقيقة مرضها , ندعو أمامها أن يشفيها الله ونهون عليها أمر حالتها الصحية الحقيقية . هل يعتبر هذا من الكذب والخداع ؟ وهل نأثم على هذا الفعل ؟
====
أفتونا شيخنا الفاضل أثابكم الله وزادكم علما وفضلا وسدادا

http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

لا يُعتبر من الكذب ولا من الخداع ؛ إذا كان يُرْجَى لها الشفاء ، ويُقال ما يُقال لها على سبيل التسلية والترجّي ، إلاّ أنه يُلْمَح لها ، لأنها على حال كِبَر ، وإن كانت ستوصِي بشيء ، أو تكتب وصيتها امتثالا لأمْرِ النبي صلى الله عليه وسلم .
والأعمار بِيدِ الله .
فكم من صحيح مات من غير عِلّة *** وكم من سقيم عاش حينا مِن الدهـرِ
وكم مِن فتى أمسى وأصبح ضاحكا *** وأكفانه في الغيب تنسج وهو لا يدري

فالأطباء يتكلّمون حسب ما يَظهر لهم ، وبناء على مُعطيات عندهم ، والمستقبل غيب ، فربّ مريض حَكَم عليه الأطباء بالموت ، أو أنه قاب قوسين أو أدنى من الموت ، ثم عافاه الله وشفاه أرحم الراحمين ، والوقائع كثيرة ، قديما وحديثا .

وسُئل شيخنا العثيمين :
إذا علم الطبيب أن المريض يعاني من داء عضال كالسرطان مثلاً ، فهل يُخبر المريض بهذا الأمر أم يتجه إلى التعريض ، ولا يصرّح به خشية أن يتأثر المريض نفسيا ؟ وكيف يتصرف الطبيب إذا سأله المريض سؤالاً مباشرا ومحددا عن طبيعة المرض ، هل يقول الصدق مهما كانت النتائج ، أم كيف يتصرف ؟
فأجاب رحمه الله :
هذا يختلف باختلاف المرضى، من المرضى مَن هو قوي في الشخصية، ولا يهمه أن يكون مرضه مهلكا أو غير مهلك ، فهذا يجب أن يُخبر بالواقع لأن المريض قد يكون له علاقات خاصة في أهله أو عامة مع الناس يحتاج إلى أن يصحح ما كان خطأ ، فهنا لابد من إخباره والحمد لله ، أما إذا كان المريض ضعيف الشخصية ويخشى إذا أخبر بالواقع وهو أن هذا المرض يهلك يتأثر أكثر ويكون همه هذا المرض، ومعلوم أن المريض إذا ركز على المرض وصار المرض همه ؛ أنه يزداد مرضا ، لكن إذا تغافل عنه وتناساه وكأن لم يكن به شيء ، فهذا من أكبر أسباب العلاج ، فالمسألة تختلف باختلاف الناس .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم