منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية - هل يجوز إطلاق اسم الخالق على غير الله جل وعلا؟

السلام عليكم
س: هل يجوز إطلاق اسم الخالق على غير الله جل وعلا ويقصد به الصانع أو المنشئ كخالق السيارة مثلا ، وذلك قياسا على إطلاق بعض الأسماء على غير الله كاسم الرؤوف والرحيم أطلقا على النبي صلى الله عليه وسلم ؟

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

يجوز إذا كان مُقيَّدا ؛ لأن إطلاقه لا ينصرِف إلاّ إلى الله .
ومما يدلّ على إطلاقه مُقيّدا قوله تبارك وتعالى : (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)
قال ابن جرير الطبري في تفسير هذه الآية :
وَقَوْلُهُ : (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَاهُ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الصَّانِعِينَ .
ثم روى ابن جرير بإسناده إلى مُجَاهِدٍ : (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) قَالَ : يَصْنَعُونَ وَيَصْنَعُ اللَّهُ ، وَاللَّهُ خَيْرُ الصَّانِعِينَ .
وقال ابن جرير : وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا قِيلَ : (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) ؛ لأَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَانَ يَخْلُقُ ، فَأَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ يَخْلُقُ أَحْسَنَ مِمَّا كَانَ يَخْلُقُ .
ثم روى ابن جرير بإسناده إلى ابْنُ جُرَيْجٍ ، فِي قَوْلِهِ : (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) قَالَ : عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَخْلُقُ .
ثم قال ابن جرير : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مُجَاهِدٍ ؛ لأَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي كُلَّ صَانِعٍ خَالِقًا ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٍ :
وَلأَنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ وَبَعْـ ... ـضُ الْقَوْمِ يَخْلُقُ ثُمَّ لاَ يَفْرِي

وقال القرطبي في قوله تعالى : (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) أتْقَن الصانعين .
يُقَال لمن صَنع شيئا : خَلَقه ؛ ومنه قول الشاعر :
وَلأَنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ وَبَعْـ ... ـضُ الْقَوْمِ يَخْلُقُ ثُمَّ لاَ يَفْرِي
وذهب بعض الناس إلى نَفْي هذه اللفظة عن الناس ، وإنما يُضَاف الْخَلْق إلى الله تعالى .
وقال ابن جريج : إنما قال : (أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) لأنه تعالى قد أذِن لعيسى عليه السلام أن يَخْلُق . واضطرب بعضهم في ذلك . ولا تُنْفَى اللفظة عن البَشَر في معنى الصُّنْع ؛ وإنما هي مَنْفِيَّة بمعنى الاختراع وإيجاد مِن العَدَم .

وقال أيضا :

وفي أصل الخلق وَجْهَان :
أحدهما : التقدير ، يُقال : خَلَقْت الأديم للسقاء ، إذا قدرته قبل القطع ، قال الشاعر:
ولأنت تفري ما خلقت وبعـ ... ض القوم يخلق ثم لا يَفري
الثاني : الإنشاء والاختراع والإبداع ، قال الله تعالى : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا) . اهـ .

وسبق الجواب عن :
هل يجوز التلفظ بكلمة فاطر ؟ إذا سألني أحد : هل أنت صايم أم فاطر؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1684

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض