ما حكم تناول القات ؟
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل
تقول السائلة : لدينا في اليمن نبتة اسمها القات يتناولها أغلب الشعب اليمني وهي نبتة خضراء وعند تناولها تتغير تصرفات الشخص على حسب تأثره بها وقد سمعت قبلا أنها محرمة ولكن عندنا أحدا بهذا يرد أن من حرمها جمعها مع المخدرات في الحكم وهي ليست كذلك وإنما تدخل في الحرام إن كان الشخص يشتريها وﻻ‌ ينفق على أهل بيته أما إن كان ميسورا فلا بأس بها ويذكر أن الملتزمين حتى يتناولونها فما رأي فضيلتكم في هذا ؟
وفقكم الله وجزاكم عنا خيرا

http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif

الجواب :

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا

هي إن لم تَدخل في الْمُخدِّرات ، فإنها تدخل في الْمُفتِّرات .
وتحريم " القات " ثابِت مِن عِدّة وثجوه .
الأول : كونها مُفتِّرة .
وقد نَهَى النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفْتِّرٍ . كما في مسند الإمام أحمد وسُنن أبي داود . وحسّن إسناده الحافظ ابن حجر .
قَالَ الْعُلَمَاءُ : الْمُفَتِّرُ كُلُّ مَا يُورِثُ الْفُتُورَ وَالْخَدَرَ فِي الأَطْرَافِ .
قال ابن رجب : وَالْمُفَتِّرُ: هُوَ الْمُخَدِّرُ لِلْجَسَدِ ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ إِلَى حَدِّ الإِسْكَارِ . اهـ .

وقال ابن حجر : وَاسْتُدِلَّ بِمُطْلَقِ قَوْلِهِ : " كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ " عَلَى تَحْرِيمِ مَا يُسْكِرُ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ شَرَابًا ، فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْحَشِيشَةُ وَغَيْرُهَا ، وَقَدْ جَزَمَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهَا مُسْكِرَةٌ ، وَجَزَمَ آخَرُونَ بِأَنَّهَا مُخَدِّرَةٌ ، وَهُوَ مُكَابَرَةٌ ، لأَنَّهَا تُحْدِثُ بِالْمُشَاهَدَةِ مَا يُحْدِثُ الْخَمْرُ مِنَ الطَّرَبِ وَالنَّشْأَةِ وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهَا وَالانْهِمَاكِ فِيهَا .
وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُسْكِرَةٍ ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي أَبِي دَاوُدَ النَّهْيُ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ . اهـ .

الثاني : ما في " القات " مِن إضاعة المال .
وقد نَهَى النبي صلى الله عليه وسلم عَن إضاعة المال .
قال عليه الصلاة والسلام : إن الله كَرِه لكم ثلاثا : قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن عبد البر : إِضَاعَةُ الْمَالِ إِنْفَاقُهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ مِنَ الْبَاطِلِ وَالإِسْرَافِ وَالْمَعَاصِي . اهـ .

والإنسان سوف يُسأل عن مالِه : مِن أين اكتسبه ؟ وفيمَ أنفقه ؟
ويَحْرُم على الإنسان أن يُضيع ماله ، ولو كان في حلال ؛ لأنه يدخل في الإسراف ، فكيف إذا كانت إضاعته فيما يضرّ ولا ينفع ؟؟

وسَمِعت مِن أكثر من شخص أن أحدهم ربما تغرّب السنوات الطوال ، وجَمَع المال الطائل ، ثم يُنفقه في أيام يسيرة على مجالس " القات " !
وهذا لا شكّ أنه سَرَف وسَفَه !

الثالث : أن الأطباء أثبَتوا ضرر " القات " على مُتعاطيه .
كما هنا :
http://jazanu.edu.sa/AntiKhatCampaig.../Flayer04.aspx

وإذ اثَبَت ضرره ، ثَبَت تحريمه ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : لا ضَرر ولا ضِرار . رواه الإمام أحمد وابن ماجه .
وهذه قاعدة عظيمة مِن قواعد الشريعة .

فائدة :
لا يُؤخذ بِقَولِ بعض أهل اليمن في حُكم القات ، فقد كان العلماء لا يأخذون بِقَولِ أهل الكوفة في حُكم شراب النبيذ ؛ لأنهم أهله .
قال الإمام الأوزاعي : مَن أخذ بِقول الْمَكِّيين في المتعة ، والكوفيين في النبيذ ، والمدَنِيِّين في الغناء ، والشاميين في عِصمة الخلفاء ؛ فقد جَمَع الشَّـرَّ . اهـ .

وسبق :
هل يجوز استخدام الشيشة إذا بقي الدخان في الفم ولم يَنْزِل إلى الجوف ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18667

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض