منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   إرشـاد الشـبـاب (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=33)
-   -   شهدت شهادة حقِّ ضِدّ صديقي فلامني هو وزملائي على فِعلي (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12901)

راجية العفو 23-01-2015 10:41 PM

شهدت شهادة حقِّ ضِدّ صديقي فلامني هو وزملائي على فِعلي
 

السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

شيخنا الفاضل : بارك الله تعالي فيك ورزقك العلم والاخلاص

تعرضت لموقف محرج جدا حيث وقعت مشكله في مكان عملي وأستدعيت للأدلاء بشهادتي عما رأيته وسمعته ، و كان المخطيء في هذه المشكله هو أعز صديق لي بل ويعتبرني أخ له
ولكن طبعا لم أستطع الا ان اقول الحق وبالتفصيل التام وأدين صديقي وأقوي من موقف خصمه - الذي لا أحبه كثيرا - ولكنها كلمة الحق التي فرض الله تعالي علينا ان نقولها ولا نخفيها وهي شهاده عدل وحق
المهم .... أصيب صديقي بصدمه غير عادية واعتبرني خائن له وغدرت به ولم يصدق ان أشهد انا علية واقف في صف خصمه ...
وعانيت كثيرا - والحمد لله - من تداعيات هذا الموقف ومن لوم بقية اصدقائنا ومن لوم المديرين في العمل لانهم اعتبروني خنت العيش والملح ولم أعمل بمقتضيات الصداقة والعشرة واعتبروني اني ممكن أخون اي منهم واشهد عليه بعد ذلك في اي موقف - لانه بصراحه صديقي هذا له أفضال كثيره جدا علي ٌ شخصيا -
وهنا لدي سؤالين : هل كان من الممكن ان لا اشهد اصلا تلك الشهاده وانسحب بهدوء من هذا الموقف أعتمادا علي وجود شهداء أخرين لهذا الأمر سوف يظهرون الحقيقة ؟؟ ام ان ذلك يعتبر من كتمان الشهاده ؟؟

* هل من الممكن ان أقول لصديقي هذا بعد فترة - وكثيرين يحاولون مصالحتنا علي بعض - انا اسف لا تغضب مني وأقول له ( من باب التقية ووصل الود والصداقة ) اني أخطأت في الشهاده عليه ... ام ان هذا يعتبر تراجع عن شهادة الحق وتضييع للثواب ؟؟

وجزاكم الله خيرا ونفعنا بكم وبعلمكم

http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

إن كان ما قلته هو الحقيقة فأنت على حقّ وصواب ، وما فعلته هو الذي يُنجيك عند الله ، فإن الله عَزّ وَجَلّ قال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) .

قال البغوي : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ) يعني : كونوا قائمين بالشهادة بالقسط ، أي : بالعَدل لله . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : كونوا قَوَّامين بالعِدْل في الشهادة على مَن كانت . (وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ) في الرَّحِم ، أي : قُولُوا الحقَّ ولو على أنفسكم بالإقرار ، أو الوالدين والأقربين ، فأقِيمُوها عليهم لله ، ولا تُحابُوا غَنِيًّا لِغِنَاه ، ولا ترحموا فقيرًا لِفَقْره ، فذلك قوله تعالى : (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا) منكم ، أي : أقيموا على المشهُود عليه وإن كان غَنِيًّا ، وللمشهود له وإن كان فقيرًا ، فالله أولى بهما منكم ، أي : كِلُوا أمرَهما إلى الله . وقال الحسن : معناه الله أعلم بهما . (فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا) ، أي : تَجُوروا وتَمِيلُوا إلى الباطل مِن الحق . اهـ .

بل إن الشهادة لِصاحب الحقّ - ولو كانت الشهادة على أقرب الناس ، وهما الوالِدين – فيها نُصْرَة للمشهود له والمشهود عليه ، وذلك لأن في الشهادة على المشهود عليه تخليص له مِن ظُلْم نفسه ، كما قال عليه الصلاة والسلام : انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا ، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا ؟ قَالَ : تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ . رواه البخاري .

قال القرطبي في تفسير الآية السابقة : قوله تعالى : (كُونُوا قَوَّامِينَ) "قوامين" بِناء مُبَالَغة ، أي : ليتكرر منكم القيام بالقسط ، وهو العدل في شهادتكم على أنفسكم ، وشهادة المرء على نفسه إقراره بالحقوق عليها . ثم ذَكَر الوالدين لِوُجُوب بِرِّهما وعِظَم قَدْرهما ، ثم ثَنَّى بالأقربين إذْ هُم مَظنة المودة والتعصّب ؛ فكان الأجنبي من الناس أحرى أن يُقام عليه بالقسط ويُشْهَد عليه ، فجاء الكلام في السورة في حفظ حقوق الخلق في الأموال .
ولا خلاف بين أهل العلم في صِحّة أحكام هذه الآية ، وأن شهادة الوَلَد على الوالدين - الأب والأم ماضية - ولا يمنع ذلك مِن بِـرِّهِما ، بل مِن بِرِّهِما أن يَشهد عليهما ، ويُخَلِّصْهما مِن الباطل ، وهو معنى قوله تعالى : (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً) . اهـ .
وقال : قوله تعالى : (فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى) نَهْي ، فإن اتِّبَاع الْهَوى مُـرْدٍ ، أي : مُهْلِك ؛ قال الله تعالى : (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) ، فَاتِّبَاع الْهَوى يَحْمِل على الشهادة بِغَير الْحَقّ ، وعلى الْجَور في الْحُكْم ، إلى غير ذلك . اهـ .

ولا يَسعُك أن تكتم شهادة عَلِمْتها لِكون المشهود عليه هو صديقك ، لقوله عَزّ وَجَلّ : (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ) .
فإذا كنت تعلم شيئا وطُلِبت منك الشهادة فلا يجوز لك كتمانها .
ولا يجوز لك أن ترجع فتُكذِّب نفسك لتقول : إنك أخطأت في الشهادة . وأنت لم تُخطئ ، لِمَا في ذلك مِن ضياع الحقوق ، بل والشهادة بالباطل ، وقَول الكَذِب .

والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية



الساعة الآن 07:27 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى