منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   قسـم الفتـاوى العامـة (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=15)
-   -   ما حُكم عبارة (انشرها بقدر حبك لله أو للرسول) ؟ (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11304)

نسمات الفجر 29-12-2012 04:47 PM

ما حُكم عبارة (انشرها بقدر حبك لله أو للرسول) ؟
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا شيخ هل يجوز قول أو كتابة عبارة (انشرها بقدر حبك لله أو للرسول) وغيرها من ما تشابهها من الألفاظ
أنا حبيت أسأل لأنها منتشرة ولاعتقادي أنها حرام ودائما ما تغيظني لأن حب الله والرسول صلى الله عليه وسلم لا يتقيد بشيء .
وشكرا

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وهل مقياس حب النبي صلى الله عليه وسلم هو مقدار ما ينشر الواحد منا الصلاة عليه ، عليه الصلاة والسلام ؟
ثم إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مِن الأذكار والأدعية التي يُشترط فيها تحريك الشَّفَتَين ، ولا يُقتصر فيها على الكتابة إلاّ في الكتب والرسائل ونحوها .

وكَم مِن مُدّعي محبته صلى الله عليه وسلم وحاله وواقعه خِلاف ذلك .
إن الدعوى لا بُدّ لها مِن بيّـنَة تُثبِت صِحّة الدعوى .
ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم ليست بالأقوال، بل هي بالأفعال أقوى ، وأقوى الأفعال الاقتداء والاتِّبَاع والطاعة .
قال تعالى : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
قال الحسن البصري وغيره من السلف : زعم قوم أنهم يُحِبَّون الله ، فابتلاهم الله بهذه الآية .
قال ابن كثير رحمه الله : هذه الآيةُ الكريمة حاكمةٌ على كل من ادّعى محبة الله وهو على غير الطريقة المحمدية فإنه كاذبٌ في دعواه في نفس الأمر حتى يتّبع الشرعَ المحمدي والدينَ النبوي في جميع أقوالِه وأفعالِه . اهـ .

قال القاضي عياض رحمه الله : علامة محبته صلى الله عليه وسلم :
اعلم أن مَن أحب شيئا آثره وآثر موافقته وإلاّ لم يكن صادقا في حُبه ، وكان مُدّعِيًا . فالصادق في حب النبي صلى الله عليه وسلم مَن تَظهر علامة ذلك عليه .
وأوّلها : الاقتداء به ، واستعمال سنته واتباع أقواله وأفعاله ، وامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه ، والتأدّب بآدابه في عُسره ويُسره ، ومَنْشَطه ومَكْرَهه ..
2 - وإيثار ما شَرعه وحض عليه على هَوى نفسه ومُوافقة شهوته .
3 - ومِن علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم : كَثْرة ذِكْره له ، فمن أحب شيئا أكثر مِن ذِكْره .
4 - ومنها : كثرة شوقه إلى لقائه . فكل حبيب يُحب لقاء حبيبه ...
5 - ومن علاماته مع كثرة ذِكره : تعظيمه له وتوقيره عند ذِكره ، وإظهار الخشوع والانكسار مع سماع اسمه .
6 - ومنها : محبته لِمَن أحب النبي صلى الله عليه وسلم ، ومَن هو بسببه من آل بيته وصحابته من المهاجرين والأنصار . وعداوة مَن عاداهم ، وبُغْض مَن أبغضهم وسَبّهم . فمن أحب شيئا أحب مَن يُحب .
7 - ومنها : بُغض مَن أبغض الله ورسوله ، ومعاداة مَن عاداه ، ومُجانبة مَن خالف سنته ، وابتدع في دينه ، واستثقاله كل أمر يُخالف شريعته . ( بتصرف من كتاب " الشفا بتعريف حقوق المصطفى " )


وقال ابن القيم رحمه الله في إثبات دعوى الْمَحَبَّة :
أول نَقْدة من أثمان الْمَحَبة بَذْل الروح ، فما للمُفْلِس الْجَبَان البخيل وسَومها ؟
بِدَم الْمُحِبّ يُباع وَصلهم ... فمن الذي يبتاع بالثمن
تالله ما هَزُلت فيستامها المفلسون ، ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسرون !
لقد أُقِيمت للعَرض في سوق مَن يزيد ، فلم يُرْض لها بثمن دون بذل النفوس .
فتأخر البطَّالون وقام الْمُحِبُّون ينظرون أيهم يصلح أن يكون ثمنا ، فَدَارت السلعة بينهم ووقعت في يَدِ (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) .
لَمَّا كَثُر الْمُدَّعُون للمَحَبَّة طُولِبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى ، فلو يعطى الناس بدعواهم لادَّعَى الْخَلِيّ حُرْقة الشَّجِيّ ؛ فَتَنَوَّع الْمُدَّعُون في الشهود ، فقيل : لا تُقْبَل هذه الدعوى إلاَّ ببينة (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) ، فَتَأخَّّر الْخَلْق كُلّهم وثَبَت أتباع الحبيب في أفعاله وأقواله وأخلاقه ، فَطُولِبوا بِعَدَالة البينة بِتَزْكِية (يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) .
فتأخَّر أكثر الْمُحِبِّين وقام المجاهدون ، فقيل لهم إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم فَهَلِمّوا إلى بيعة (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) .
فَلَمَّا عَرَفوا عَظَمة المشتري وفَضْل الثمن وجَلالة مَن جَرَى على يديه عقد التبايع عرفوا قَدْر السلعة ، وأن لها شأنا ، فرأوا مِن أعظم الغَبن أن يَبيعوها لِغيره بِثمن بَخْس ، فَعَقَدوا معه بيعة الرِّضْوان بِالتراضي مِن غير ثبوت خيار ، وقالوا : والله لا نقيلك ولا نستقيلك !
فَلَمَّا تَمّ العقد وسَلّمُوا المبيع ، قيل لهم : مُذ صارت نفوسكم وأموالكم لنا رَدَدناها عليكم أوْفَر ما كانت وأضعافها معا (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) .
وقال رحمه الله :
إذا غُرِست شجرة الْمَحَبة في القلب وسُقِيت بماء الإخلاص ومُتابعة الحبيب أثمرت أنواع الثمار ، وآتت أكلها كل حين بإذن ربها ، أصلها ثابت في قرار القلب ، وفَرْعها مُتَّصِل بِسِدْرة المنتهى .

وقال القسطلاني : ومِن علامات هذه المحبة : نَصْر دِين الإسلام بالقول والفعل ، والذَّبّ عن الشريعة المقدّسَة ، والـتَّخَلُّق بأخْلاق الرسول صلى الله عليه وسلم ، في الْجُود والإيثار ، والْحِلْم والصبر والتواضع . اهـ .

وسبق :
هل يجوز تداول رسائل تُختتم بِـ ( لا تجعلها تقف عندك بادر في نشرها صدقة في روح فلان) ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=13534

هل يصح موضوع (ماذا سأقول لحبيبي ؟) ؛ ويقصدون رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9831

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض


الساعة الآن 07:37 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى