نبض الدعوة
06-09-2012, 01:50 AM
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خير أرجوا إيضاح الحكم فيما صدر مني ومن والدي
في يوم عرفة قبل قرابة سنتين , كان مع مجموعتنا التي حججنا معها , رجل كبير في السن صالح نحسبه كذلك والله حسيبه , هذا الرجل قام بالدعاء بصوت جهوري وحوله جميع أفراد المجموعة من النساء والرجال طبعاً مفترقين الرجال والنساء عن بعض , نادى علي والدي دون بقية أفراد أسرتي وأخذني إلى جانبه وتعمد أن نجلس مباشرةً خلف هذا الرجل , وهو يدعوا ونحن نؤمن نهار يوم عرفة
هل هذه صورة من صور الغلو في الصالحين أن نحاول أن نجلس بقربهم في مثل ذلك المشهد ؟ كنت في ذلك الحين جاهلة بمعنى الكلمة بأبسط الأمور عن العقيدة مع أني جامعية و لا أنكر أي تصرف يكون خاطئ مثل الدعاء الجماعي والمغالاة في محبة الصالحين .
فهل سيحاسبني الله تعالى عن مثل تلك الأمور ؟
http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif
الجواب :
وجزاك الله خيرا .
لا يُحاسَب الإنسان على ما فعله عن جَهْل ، لقوله تعالى : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) ، ولقوله عليه الصلاة والسلام : إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه . رواه ابن حبان والحاكم وقال : صحيح على شرط الشيخين .
وهذا مِن الغلو ومِن الجهل ؛ لأنه لا أحد يُزكِّي أحدا ، ولا يعْلَم عن صلاحه .
ولأنه لا يُشْرَع رَفْع الدعاء بالصوت حال الدعاء ، فقد قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه : يا أيّها الناسُ ، ارْبَعوا على أنفُسكم ، فإنكم لا تَدْعونَ أصمَّ ولا غائبا ، إنهُ معكم إنهُ سميعُ قَريب ، تَبارَكَ اسمهُ ، وتَعالى جَدُّه . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم قال : والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم مِن عُنُق راحلة أحدكم .
قال النووي : فيه الندب إلى خفض الصوت بالذِّكْر إذا لم تدع حاجة إلى رفعه ، فإنه إذا خفضه كان أبلغ في توقيره وتعظيمه ، فإن دعت حاجة إلى الرَّفْعِ رَفَع . اهـ .
وقال ابن حجر : اربعوا : أي ارفقوا ، ولا تُجهدوا أنفسكم . قال الطبري : فيه كراهة رفع الصوت بالدعـاء والذكـر ، وبه قال عامـة السلف من الصحابـة والتابعين . اهـ .
وكان السلف يَكرهون أن يُسْمِع الرجل جليسه شيئا من الدعـاء .
روى ابن أبي شيبة أن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أيها الناس إنكم لا تَدعُون أصما ولا غائبا . يعني في رفع الصوت بالدعاء .
وروى أيضا عن مجاهد أنه سمع رجلا يرفع صوته بالدعاء فَرَمَاه بالحصى .
وروى أيضا عن الحسن قال : كانوا يجتهدون في الدعاء ، ولا يُسْمَع إلاَّ هَمْسا .
وعن عبد الله بن نسيب قال : صليت إلى جنب سعيد بن المسيب المغرب ، فلما جلست في الركعة الآخرة رفعت صوتي بالدعاء فانتهرني ، فلمـا انصرفت قلت لـه : ما كَرِهْت مِنِّي ؟ قال : ظننتَ أن الله ليس بقريب منا ؟
قال ابن مفلح : يُكره رفـع الصوت بالدعـاء مطلقـا . قال المروذي : سمعت أبا عبد الله [ الإمام أحمد ] يقول : ينبغي أن يُسرَّ دعائه لقوله تعالى : ( وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا ) .
قال في " الْمُسْتَوعِب " : يُكره رفع الصوت بالدعاء ، وينبغي أن يُخفي ذلك لأن الله تعالى قال : ( ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ) فَأَمَـرَ بذلك .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : والسُّـنّة في الدّعاء كلِّه المخافـتة ، إلا أن يكون هناك سبب يُشرع له الجهر .
قال الكمال ابن الهمام : ما تعارَفه الناس في هذه الأزمان من التمطيط والمبالغـة في الصياح والاشتغال بتحريرات النغم إظهارا للصناعة النغمية لا إقامة للعبودية ، فإنه لا يقتضي الإجابة بل هو من مقتضيات الردّ ، وهذا معلوم إن كان قصده إعجاب الناس به فكأنه قال : أعجبوا من حسن صوتي وتحريري ! ولا أرى أن تحرير النغم في الدعاء - كما يفعله القُرَّاء في هذا الزمان - يَصدر ممن يَفهم معنى الدعاء والسؤال ، وما ذاك إلاَّ نوع لَعِب ! فإنه لو قُدِّر في الشاهد سائل حاجة مِن مَلِك أدّى سؤاله وطلبه بتحرير النغم فيه مِن الخفض والرفع والتطريب والترجيع كالتغنّي نُسِب البتة إلى قصد السخرية واللعب ، إذ َمقـام طلب الحاجـة التضرع لا التّـغني ، فاستبان أن ذاك مـن مقتضيات الخيبة والحرمان . اهـ .
وهنا :
ما حُكم رفع الصوت بالذِّكر بعد الصلاة المفروضة
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16776
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خير أرجوا إيضاح الحكم فيما صدر مني ومن والدي
في يوم عرفة قبل قرابة سنتين , كان مع مجموعتنا التي حججنا معها , رجل كبير في السن صالح نحسبه كذلك والله حسيبه , هذا الرجل قام بالدعاء بصوت جهوري وحوله جميع أفراد المجموعة من النساء والرجال طبعاً مفترقين الرجال والنساء عن بعض , نادى علي والدي دون بقية أفراد أسرتي وأخذني إلى جانبه وتعمد أن نجلس مباشرةً خلف هذا الرجل , وهو يدعوا ونحن نؤمن نهار يوم عرفة
هل هذه صورة من صور الغلو في الصالحين أن نحاول أن نجلس بقربهم في مثل ذلك المشهد ؟ كنت في ذلك الحين جاهلة بمعنى الكلمة بأبسط الأمور عن العقيدة مع أني جامعية و لا أنكر أي تصرف يكون خاطئ مثل الدعاء الجماعي والمغالاة في محبة الصالحين .
فهل سيحاسبني الله تعالى عن مثل تلك الأمور ؟
http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif
الجواب :
وجزاك الله خيرا .
لا يُحاسَب الإنسان على ما فعله عن جَهْل ، لقوله تعالى : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) ، ولقوله عليه الصلاة والسلام : إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه . رواه ابن حبان والحاكم وقال : صحيح على شرط الشيخين .
وهذا مِن الغلو ومِن الجهل ؛ لأنه لا أحد يُزكِّي أحدا ، ولا يعْلَم عن صلاحه .
ولأنه لا يُشْرَع رَفْع الدعاء بالصوت حال الدعاء ، فقد قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه : يا أيّها الناسُ ، ارْبَعوا على أنفُسكم ، فإنكم لا تَدْعونَ أصمَّ ولا غائبا ، إنهُ معكم إنهُ سميعُ قَريب ، تَبارَكَ اسمهُ ، وتَعالى جَدُّه . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم قال : والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم مِن عُنُق راحلة أحدكم .
قال النووي : فيه الندب إلى خفض الصوت بالذِّكْر إذا لم تدع حاجة إلى رفعه ، فإنه إذا خفضه كان أبلغ في توقيره وتعظيمه ، فإن دعت حاجة إلى الرَّفْعِ رَفَع . اهـ .
وقال ابن حجر : اربعوا : أي ارفقوا ، ولا تُجهدوا أنفسكم . قال الطبري : فيه كراهة رفع الصوت بالدعـاء والذكـر ، وبه قال عامـة السلف من الصحابـة والتابعين . اهـ .
وكان السلف يَكرهون أن يُسْمِع الرجل جليسه شيئا من الدعـاء .
روى ابن أبي شيبة أن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أيها الناس إنكم لا تَدعُون أصما ولا غائبا . يعني في رفع الصوت بالدعاء .
وروى أيضا عن مجاهد أنه سمع رجلا يرفع صوته بالدعاء فَرَمَاه بالحصى .
وروى أيضا عن الحسن قال : كانوا يجتهدون في الدعاء ، ولا يُسْمَع إلاَّ هَمْسا .
وعن عبد الله بن نسيب قال : صليت إلى جنب سعيد بن المسيب المغرب ، فلما جلست في الركعة الآخرة رفعت صوتي بالدعاء فانتهرني ، فلمـا انصرفت قلت لـه : ما كَرِهْت مِنِّي ؟ قال : ظننتَ أن الله ليس بقريب منا ؟
قال ابن مفلح : يُكره رفـع الصوت بالدعـاء مطلقـا . قال المروذي : سمعت أبا عبد الله [ الإمام أحمد ] يقول : ينبغي أن يُسرَّ دعائه لقوله تعالى : ( وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا ) .
قال في " الْمُسْتَوعِب " : يُكره رفع الصوت بالدعاء ، وينبغي أن يُخفي ذلك لأن الله تعالى قال : ( ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ) فَأَمَـرَ بذلك .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : والسُّـنّة في الدّعاء كلِّه المخافـتة ، إلا أن يكون هناك سبب يُشرع له الجهر .
قال الكمال ابن الهمام : ما تعارَفه الناس في هذه الأزمان من التمطيط والمبالغـة في الصياح والاشتغال بتحريرات النغم إظهارا للصناعة النغمية لا إقامة للعبودية ، فإنه لا يقتضي الإجابة بل هو من مقتضيات الردّ ، وهذا معلوم إن كان قصده إعجاب الناس به فكأنه قال : أعجبوا من حسن صوتي وتحريري ! ولا أرى أن تحرير النغم في الدعاء - كما يفعله القُرَّاء في هذا الزمان - يَصدر ممن يَفهم معنى الدعاء والسؤال ، وما ذاك إلاَّ نوع لَعِب ! فإنه لو قُدِّر في الشاهد سائل حاجة مِن مَلِك أدّى سؤاله وطلبه بتحرير النغم فيه مِن الخفض والرفع والتطريب والترجيع كالتغنّي نُسِب البتة إلى قصد السخرية واللعب ، إذ َمقـام طلب الحاجـة التضرع لا التّـغني ، فاستبان أن ذاك مـن مقتضيات الخيبة والحرمان . اهـ .
وهنا :
ما حُكم رفع الصوت بالذِّكر بعد الصلاة المفروضة
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16776
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض