المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حديث 57 في الصلاة عند حضور الطعام


راجية العفو
14-03-2010, 12:08 AM
شرح أحاديث عمدة الأحكام
حديث 57 في الصلاة عند حضور الطعام

ح 57
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا أقيمت الصلاة وحضر العَشاء فابدؤوا بالعَشاء .
وعن ابن عمر نحوه .

في الحديث مسائل :

1 = من روايات الحديث :
في رواية للبخاري : إذا وُضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء .
وفي حديث أنس رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا قُدِّم العشاء فابدؤوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث أنس هذا التنصيص على أن المقصود بالصلاة هي صلاة المغرب .
وحديث ابن عمر الذي أشار إليه المصنف رواه البخاري ومسلم مختَصراً بلفظ :
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا وُضِع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء ، ولا يعجل حتى يفرغ منه . وكان ابن عمر يوضع له الطعام وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ ، وإنه ليسمع قراءة الإمام .

2 = لماذا يُقدَّم الطعام هنا على الصلاة ؟
لأجل أن يُصلي وهو حاضر القلب .
قال الإمام البخاري :
باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة ، وكان ابن عمر يبدأ بالعشاء ، وقال أبو الدرداء : مِنْ فقه المرء إقباله على حاجته حتى يُقبل على صلاته وقلبه فارغ .

3 = هل حضور الطعام عُذر في التخلّف عن صلاة الجماعة ؟
حضور الطعام ليس عُذرا في التخلّف عن صلاة الجماعة ، وإنما يُرخّص لمن كانت نفسه تتوق إلى الطعام ، كأن يكون جائعا ويوضع الطعام ، لا أنه يتعمّد وضع الطعام عند الإقامة ، ليتخلّف عن صلاة الجماعة .
والطعام الذي يُرخّص لصاحبه في التخلّف عن صلاة الجماعة ، ما كانت تتوق النفس إليه وينشغل الذهن به ، ويكون مَقدورا على تناوله .
وفي حديث أنس رضي الله عنه ما يُفيد ذلك ، فقد جاء فيها أن المقصود بالصلاة : صلاة المغرب ، وجاء في بعض روايات الحديث : إذا وُضع العَشاء وأحدكم صائم ، فابدؤا به قبل أن تُصلّوا .


قال ابن حبّان في باب فرض الجماعة ، والأعذار التي تُبيح تركها :
ذِكْر العذر الثاني ، وهو حضور الطعام عند صلاة المغرب .
ثم روى بإسناده إلى أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا قُرِّب العَشاء وحَضرت الصلاة ، فابدءوا به قبل صلاة المغرب ، ولا تعجلوا عن عشائكم .
ثم قال : ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تعجلوا عن عشائكم " أراد به إذا قُدِّم ذلك على المرء .
وروى بإسناده إلى نافع ، قال: كان ابن عمر إذا غربت الشمس وتبين له الليل ، فكان أحيانا يُقَدِّم عَشاءه وهو صائم والمؤذن يؤذِّن ، ثم يُقيم وهو يسمع فلا يترك عشاءه ولا يعجل حتى يقضي عَشاءه ، ثم يخرج فيصلي ، ويقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تعجلوا عن عشائكم إذا قدم إليكم .
ثم قال ابن حبان : ذِكر البيان بأن التخلّف عن إتيان الجماعات عند حضور العشاء إنما يجب ذلك إذا كان المرء صائما ، أوْ تَاقَت نفسه إلى الطعام فآذته .
ثم روى حديث أنس رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أُقيمت الصلاة وأحدكم صائم ، فليبدأ بالعشاء قبل صلاة المغرب ، ولا تعجلوا عن عشائكم . اهـ .

فقد بيَّن ابن حبان رحمه الله في هذه الأحاديث : أن الذي يجوز له التأخّر أو التخلّف عن الجماعة هو مَن كان صائما وقُدِّم طعامه ، أو كان جائعا ونفسه تتوق إلى الطعام ، بحيث يحصل له تشويش لو صلّى وهو جائع ، كما تقدَّم القول في صلاة مَن يُدَافِع الأخبثين .

قال ابن الملقِّن : ينبغي أن يدور الحُـكم مع العلّة وجودا وعدماً ، فحيث أمِـنّـا التشويش قُدِّمت الصلاة .
ويدلّ على ما ذهب إليه ابن الملقن ما رواه البخاري ومسلم عن عمرو بن أمية أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتز من كتف شاة في يده ، فدُعي إلى الصلاة فألقاها والسكين التي كان يحتزّ بها ، ثم قام فصلى ولم يتوضأ .
فالنبي صلى الله عليه وسلم قام إلى الصلاة وترك الطعام .

4 = هل تصحّ صلاة من صلّى ونفسه تتوق إلى الطعام ؟
الجمهور على صحة صلاته ، وهم يُفرِّقون بين الصحة والكمال
فمن صلى ونفسه تتوق إلى الطعام فصلاته صحيحة مُجزئة مُسقطة الطلب عنه ، إلا أن الأكمل أن يُصلي بحضور قبله .

5 = الإسلام دين الكمال ، فهو يوازن بين متطلّبات الروح وبين متطلّبات الجسد .

6 = ليس في الحديث دليل على عدم وجوب صلاة الجماعة ، ولكن فيه أن حضور الطعام يُعتبر من الأعذار ، على التفصيل المتقدِّم .
والله تعالى أعلى وأعلم .


كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم