المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحديث الـ 228 في الصلاة في الكعبة


راجية العفو
13-03-2010, 06:40 PM
الحديث الـ 228 في الصلاة في الكعبة

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْبَيْتَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَبِلالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ ، فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ ، فَلَمَّا فَتَحُوا : كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ ، فَلَقِيتُ بِلالاً ، فَسَأَلَتْهُ : هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ .

فيه مسائل :

1= المقصود بـ " البيت " هو الكعبة ، وسُمِّيَت بَيت الله تشريفًا .

2= عثمان بن طلحة رضي الله عنه يُـعرف بـ " الْحَجَبِيّ " ؛ لأن مفتاح الكعبة كان بِيده ، وأقرّه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عليه ، ويُعرفون بـ " الشَّيبي " نسبة إلى ابنه ، وهو : شيبة بن عثمان بن طلحة .
وفي " لُبّ اللباب " للسيوطي : الشّيْبِي : بالفتح والسكون إلى شَيْبَة بن عثمان بن طلحة ، سَادِن الكعبة . اهـ .
ورجّح ابن كثير أن قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) نَزَل في شأن طلحة بن عثمان رضي الله عنه .
قال القرطبي في تفسيره : سورة النساء وهي مدنية إلاَّ آية واحدة نَزلت بمكة عام الفتح في عثمان بن طلحة الحجبي ، وهي قوله : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) .

3= جواز دخول الكعبة ، وصلاة النافلة فيها دون الفريضة ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى النافلة داخل الكعبة ولم يُصلّ الفريضة .
ولأن استقبال الكعبة فَرْض في الفريضة ، فلم يَجُز استقبال بعضها واستدبار بعضها الآخر !
وأما في النافلة فلا يُشترط استقبال القبلة كما هو الحال في الفريضة . ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلّي النافلة في السفر على راحلته حيث توجّهت به ، وتقدّم هذا في شرح " كتاب الصلاة " ، باب استقبال القبلة .

4= عدم كراهية استدبار الكعبة ، وذلك لأن الداخل فيها لا بُدّ أن يَستدبر أحَد جِهاتها .

5= قوله : " أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ " ، يعني : أوّل مَن دخل بعد فتح الباب .

6= لماذا رُفِع باب الكعبة ؟
لِتُدْخِل قُريش مَنْ شَاءت ! وَتَمْنَع مَنْ شَاءت !
ولذلك هَمّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل للكعبة بابَيْن ؛ باب يدخل منه الناس وباب يخرجون منه ، وأن يُلصِق الباب بالأرض .
قال عليه الصلاة والسلام : يَا عَائِشَةُ ، لَوْلا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ ، لأَمَرْتُ بِالْبَيْتِ فَهُدِمَ فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ ، وَأَلْزَقْتُهُ بِالأَرْضِ ، وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ : بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا ، فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيم . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لهما : قَال : إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمْ النَّفَقَةُ قالتْ عائشة رضي الله عنها : قُلْتُ فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا ؟ قَالَ : فَعَلَ ذَلِكَ قَوْمُكِ لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا ! وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا ! وَلَوْلا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ ، أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِي الْبَيْتِ ، وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ بِالأَرْضِ .
قال العيني : الْجَدْر : بفتح الجيم ، يعني : الْحِجْر بِكسر الحاء ، ويُقال له : الحطيم أيضا .

7= الْحِجْر من الكعبة ، فمن صلّى فيه كان كَمَن صلّى داخل الكعبة .
قالت عائشة رضي الله عنها : كنت أحب أن أدخل البيت فأصَلّي فيه ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم بِيدي فأدْخَلني الْحِجْر ، فقال : صَلّي في الْحِجْر إن أردت دخول البيت ، فإنما هو قطعة مِن البيت ، ولكن قومك استَقْصَرُوه حين بَنَوا الكعبة فأخْرَجُوه من البيت . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي . وصححه الألباني والأرنؤوط .
وفيه : جواز دخول المرأة للكعبة .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : لو وَليت مِن البيت شيئا لأدخلت الْحِجْر فيه كُله . رواه عبد الرزاق .
قال ابن بطال : السُّنّة إذا أراد النساء دخول البيت أن يخرج الرجال عنه .

8= سُؤال من هو أعلم دون غضاضة، فابن عمر رضي الله عنهما بَادَر بِسؤال بلال رضي الله عنه ؛ لأنه أعلم بِصلاة النبي صلى الله عليه وسلم . وفيه تَواضُع ابن عمر رضي الله عنهما .
وتقديم بلال على غيره في السؤال ، إما لِكونه أوّل مَن لَقِيه ، أو لكونه مُؤذّن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمؤذِّن أعرف بِحال الإمام !

9= قوله : " هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ؟ " يعني : هل صلّى في البيت ، وهو الكعبة .

10= قوله : " قَالَ : نَعَمْ ، بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ " ، هذا زيادة في الجواب لإفادة السائل ، وهي مشروعة ، جاءت بها السنة النبوية .

11= قوله : " بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ "
والمراد باليمانيين : ما يلي جهة الركن اليماني . ويدل عليه - أيضا - : حديث مجاهد ، عن ابن عمر ، أنه سأل بلالا : أصَلّى النبي في الكعبة ؟ قال : نعم ، بين السّارِيَتَيْن اللتين على يساره إذا دخل . قاله ابن رجب رحمه الله .

والله تعالى أعلم .


شرح فضيلة الشيخ : عبد الرحمن بن عبد الله السحيم