المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشباب لديهم طاقة. فكيف يمكن توجيهها لمقاومة الفساد ونصرة الحق؟


*المتفائله*
05-03-2010, 09:21 PM
قد يحجب الحق إلى حين ولكنه لا يندثر ، وقد ينتفش الباطل ولكنه يدفع بالحق ويدمغ .. ولكن الناس اليوم يكتفون بالقول ... فما قيمة اعتراف بحق لا يتحقق ، ولا قيمة إنكار باطل ينتشر دون مقاومة ...
والشباب لديهم طاقة هائلة .. فكيف يمكن توجيهها لمقاومة الفساد ونصرة الحق على مختلف الأصعدة ؟





http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif

الجواب :
إذا وُجِد الحق وُجِد له أتباع ، ولو لم يكن للحق أتباع وكان له من يحمله لكان هذا من دواعي النصر !
إن غلاما صغيرا كان هو حامل لواء الحق !
ذلكم الغلام كان في سن بحيث إذا تأخر في الحضور ضربه أهله !
ذلكم هو غلام أصحاب الأخدود الذي حَمَل الحق ونافح عنه وأعلن أن الحق منصور لا يُهزم .
وقد انتصر الحق فعلاً ، وتحقق ما أراده الغلام ، وآمن الناس ، وتحققت النتائج التي لم يرَها ذلك الغلام .
بل إن نبينا صلى الله عليه وسلم حَمَل لواء الحق والدعوة إليه وحيداً فريدا شريدا طريدا ، حتى آمن به من آمن ، ووجد الـنُّصرة والإيواء ، فقامت دولة الإسلام في المدينة على سوقها ، وانتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ولم يكتمل بناء تلك الدولة ، وكان عليه الصلاة والسلام قد بشّر بامتداد مُلك أمته ، وأنه سيبلغ المشارق والمغارب ، وأن أمته سوف تملك مُلك كسرى وقيصر .
إن نبينا صلى الله عليه وسلم رغم ما كان يتعرض له أصحابه من تضييق وتعذيب ، لم تضق به الأرض ، ولم يستعجل النتائج ، بل لم يُشكِ أصحابه ولم يسمع شكواهم ، بل كان يضرب لهم الأمثلة من الأمم الماضية ممن صبروا على دينهم ، وثبتوا عليه ، تثبيتا لهم ، وليعلموا أن غيرهم سار على هذا الطريق الشاق الشائك .
قال خباب بن الأرت رضي الله عنه : شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة قلنا له : ألا تستنصر لنا ؟ ألا تدعو الله لنا ؟
قال : كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له في الأرض فيُجعل فيه فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين وما يصدّه ذلك عن دينه ، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصدّه ذلك عن دينه ، والله لَيـُتِـمّنّ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون . رواه البخاري .
وخباب رضي الله عنه هو الذي لقي من المشركين ما لقي من التعذيب والنكال .
سأل عمر رضي الله عنه خباباً رضي الله عنه عما لقي من المشركين ، فقال : يا أمير المؤمنين انظر إلى ظهري ، فنظر فقال : ما رأيت كاليوم ! قال خباب : لقد أُوقدت لي نار وسحبت عليها فما أطفأها إلا وَدَك ظهري .
إن الشباب اليوم بحاجة إلى الإيحاء بمثل هذه القصص أن نُصرة هذا الدين أمانة في أعناقكم ، وإن ما تُقدِّمونه لِدِين الله هو عبادة لله .
وأن الدِّين ما كان ليصلنا لولا ما بُذل من جهود لنصرته .
وأنك مهما تفعل لخدمة دينك فهو محفوظ مُدّخر لك .
أما الشباب فهو قوة ، والشباب هو الطاقـة ، وإن لم تُشغل هذه الطاقات في خدمة الدِّين شُغِلت فيما عدا ذلك ، وكلٌّ يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها .
أما توجيه طاقات الشباب فيدور على عدة محاور ، منها :
1 - المعلّمون على اختلاف مراكزهم : فعلى عاتقهم يكون حمل العبء الأكبر من هذا التوجيه .
2 - الأسرة على اختلاف أفرادها ، فيوعز إلى الشاب أن أمتك تنتظر منك الكثير وأنك كما قيل :
قد هيأوك لأمر لو فطنت له *** فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهملِ
فالأم تتحمل مسؤولية التربية والتوجيه منذ الصِّغر ، أما إذا كبر الشاب دون توجيه أو تربية فيصعب آنذاك أن يُوجّـه .
3 - المجتمع ، فالمجتمع له عاداته وأعرافه التي في كثير من الأحيان تكون كالأُطُر الضابطة للسلوك والتصرّفات
كثير من الشباب يُراعون – أحيانا – العادات قبل مراعاة المحرّمات .
والتوجيه قد يكون مُباشِراً وقد لا يكون مباشراً .
والشعور بشعور الجسد الواحد
وإحياء روح العـزّ والنُّصر مما يوجّـه الشباب توجيها سليما
وبعض الشباب – كما أسلفت – يجمع إلى تقصيره تقصيرا آخر ، ويُضيف إلى معصيته معصية أخرى
وذلك أنه إذا كان مُقصِّراً تخلّى عن خدمة دينه ، وجعل تقصيره عُذراً في تخلّفه عن الرَّكْب .
ومما ينبغي أن يوجّه إليه الشباب عدم استعجال قطف الثمرة قبل النضج ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ربّـى أصحابه على ذلك .
فإن مما يُفسد نُصرة الحق استعجال الثمرة
ولكنكم تستعجلون !
والله تعالى أعلم

المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد