*المتفائله*
25-02-2010, 10:51 PM
.
هل ورد النهي عن السجع والتكلف في الخطبة واذا كان كذلك فلماذا نسمع كثير من الخطباء لاينتهون عن ذلك؟
الجواب :
السجع على نوعين :
النوع الأول : سَجع مُتكلّف مقصود لِذاتِه ، فهذا منهي عنه ، وهو سَجع مثل سجع الكُهَّان ، ولذلك لَمّا قال رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم : أَنَغْرَمُ دِيَةَ مَنْ لا أَكَلَ وَلا شَرِبَ وَلا اسْتَهَلَّ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الأَعْرَابِ ؟ رواه مسلم .
وفي حديث أبي هريرة : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما هذا مِن إخوان الكُهَّان . مِن أجْل سَجْعه الذي سَجَع . رواه مسلم .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : فانظر السجع من الدعاء فاجْتَنِبْه ، فإني عَهِدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلاَّ ذلك . يعني : لا يفعلون إلاَّ ذلك الاجتناب . رواه البخاري .
والمقصود : السجع الْمُتَكَلَّف ، فقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أدعية مسجوعة ، كقوله عليه الصلاة والسلام : " اللهم آت نفسي تقواها ، وزَكّها أنت خير مَن زَكّاها ، أنت وليها ومولاها . اللهم إني أعوذ بك مِن عِلم لا ينفع ، ومن قلب لا يَخشع ، ومن نفس لاتشبع " رواه مسلم .
قال النووي : هذا الحديث وغيره مِن الأدعية المسْجُوعَة دليل لِمَا قاله العلماء أن السجع المذموم في الدعاء هو الْمُتَكَلَّف ، فإنه يُذهب الخشوع والخضوع والإخلاص ، ويُلْهِى عن الضراعة والافتقار وفراغ القلب ، فأما ما حصل بلا تكلّف ولا إعْمال فِكْر لكمال الفصاحة ونحو ذلك ، أو كان محفوظا ؛ فلا بأس به ، بل هو حَسَن . اهـ .
النوع الثاني : سَجع غير مُتكلّف ، وهو وارد في الكِتاب وفي السنة .
والفَرق بينهما أن الأول يُجعل آخر الكلام على نَسَق واحِد ، ولا يتأتّى هذا إلا بِتكلّف .
والثاني يأتي من غير تكلّف .
قال ابن عبد البر رحمه الله : السجع كلام كسائر الكلام ؛ فَحَسَنه حَسَن ، وقبيحه قبيح .
وقال في قوله صلى الله عليه وسلم : " كتاب الله أحق ، وشرط الله أوثق ، وإنما الولاء لمن اعتق " :
وفيه إجازة السجع الْحَقّ مَن القَوْل ... وهذا تفسير قوله في سجع الأعرابي : " أسَجْعًا كَسَجْع الكُهَّان " ؛ لأن الكُهّان يَسجعون بالباطل ليخرصون ويرجمون الغيب ويحكمون بالظنون ، وكذلك عَاب سَجعهم وسَجْع مَن أشْبه مَعنى سجعهم . اهـ .
وقال النووي : جواز السجع إذا لم يُتَكَلّف ، وإنما نَهَى عن سَجع الكهان ونحوه مما فيه تَكَلّف .
وقال أيضا :
السجع المذموم في الدعاء هو المتكلَّف ، فإنه يُذْهِب الخشوع والخضوع والإخلاص ، ويُلْهِي عن الضراعة والافتقار وفراغ القلب ، فأما ما حصل بلا تكلّف ولا إعمال فِكر لِكمال الفصاحة ونحو ذلك ، أو كان محفوظا ؛ فلا بأس به ، بل هو حَسَن [/font]. اهـ .
وقال ابن حجر : لا كراهة في السجع في الكلام إذا لم يكن عن قَصد ولا مُتَكَلَّفا . اهـ .
وقال أيضا في التفريق بين النوعين :
قوله : " وغَلب الأحزاب وَحْده ، فلا شيء بعده " هو من السجع المحمود . والفرق بينه وبيه المذموم ؛ أن المذموم ما يأتي بِتَكَلّف واستكراه ، والمحمود ما جاء بانسجام واتفاق ، ولهذا قال في مثل الأول : أسَجْع مِثل سَجْع الكُهّان ... ووقع في كثير من الأدعية والمخاطبات ما وقع مَسجوعا ، لكنه في غاية الانسجام الْمُشْعِر بأنه وَقَع بِغير قَصد . اهـ .
فما يقع في الْخُطَب والمحاضرات والأدعية مِن سَجْع قد يكون مُتكلّفا ، فيُنهَى عنه ، وإن كان بغير تكلّف فلا يُنهَى عنه .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض
هل ورد النهي عن السجع والتكلف في الخطبة واذا كان كذلك فلماذا نسمع كثير من الخطباء لاينتهون عن ذلك؟
الجواب :
السجع على نوعين :
النوع الأول : سَجع مُتكلّف مقصود لِذاتِه ، فهذا منهي عنه ، وهو سَجع مثل سجع الكُهَّان ، ولذلك لَمّا قال رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم : أَنَغْرَمُ دِيَةَ مَنْ لا أَكَلَ وَلا شَرِبَ وَلا اسْتَهَلَّ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَسَجْعٌ كَسَجْعِ الأَعْرَابِ ؟ رواه مسلم .
وفي حديث أبي هريرة : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما هذا مِن إخوان الكُهَّان . مِن أجْل سَجْعه الذي سَجَع . رواه مسلم .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : فانظر السجع من الدعاء فاجْتَنِبْه ، فإني عَهِدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلاَّ ذلك . يعني : لا يفعلون إلاَّ ذلك الاجتناب . رواه البخاري .
والمقصود : السجع الْمُتَكَلَّف ، فقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أدعية مسجوعة ، كقوله عليه الصلاة والسلام : " اللهم آت نفسي تقواها ، وزَكّها أنت خير مَن زَكّاها ، أنت وليها ومولاها . اللهم إني أعوذ بك مِن عِلم لا ينفع ، ومن قلب لا يَخشع ، ومن نفس لاتشبع " رواه مسلم .
قال النووي : هذا الحديث وغيره مِن الأدعية المسْجُوعَة دليل لِمَا قاله العلماء أن السجع المذموم في الدعاء هو الْمُتَكَلَّف ، فإنه يُذهب الخشوع والخضوع والإخلاص ، ويُلْهِى عن الضراعة والافتقار وفراغ القلب ، فأما ما حصل بلا تكلّف ولا إعْمال فِكْر لكمال الفصاحة ونحو ذلك ، أو كان محفوظا ؛ فلا بأس به ، بل هو حَسَن . اهـ .
النوع الثاني : سَجع غير مُتكلّف ، وهو وارد في الكِتاب وفي السنة .
والفَرق بينهما أن الأول يُجعل آخر الكلام على نَسَق واحِد ، ولا يتأتّى هذا إلا بِتكلّف .
والثاني يأتي من غير تكلّف .
قال ابن عبد البر رحمه الله : السجع كلام كسائر الكلام ؛ فَحَسَنه حَسَن ، وقبيحه قبيح .
وقال في قوله صلى الله عليه وسلم : " كتاب الله أحق ، وشرط الله أوثق ، وإنما الولاء لمن اعتق " :
وفيه إجازة السجع الْحَقّ مَن القَوْل ... وهذا تفسير قوله في سجع الأعرابي : " أسَجْعًا كَسَجْع الكُهَّان " ؛ لأن الكُهّان يَسجعون بالباطل ليخرصون ويرجمون الغيب ويحكمون بالظنون ، وكذلك عَاب سَجعهم وسَجْع مَن أشْبه مَعنى سجعهم . اهـ .
وقال النووي : جواز السجع إذا لم يُتَكَلّف ، وإنما نَهَى عن سَجع الكهان ونحوه مما فيه تَكَلّف .
وقال أيضا :
السجع المذموم في الدعاء هو المتكلَّف ، فإنه يُذْهِب الخشوع والخضوع والإخلاص ، ويُلْهِي عن الضراعة والافتقار وفراغ القلب ، فأما ما حصل بلا تكلّف ولا إعمال فِكر لِكمال الفصاحة ونحو ذلك ، أو كان محفوظا ؛ فلا بأس به ، بل هو حَسَن [/font]. اهـ .
وقال ابن حجر : لا كراهة في السجع في الكلام إذا لم يكن عن قَصد ولا مُتَكَلَّفا . اهـ .
وقال أيضا في التفريق بين النوعين :
قوله : " وغَلب الأحزاب وَحْده ، فلا شيء بعده " هو من السجع المحمود . والفرق بينه وبيه المذموم ؛ أن المذموم ما يأتي بِتَكَلّف واستكراه ، والمحمود ما جاء بانسجام واتفاق ، ولهذا قال في مثل الأول : أسَجْع مِثل سَجْع الكُهّان ... ووقع في كثير من الأدعية والمخاطبات ما وقع مَسجوعا ، لكنه في غاية الانسجام الْمُشْعِر بأنه وَقَع بِغير قَصد . اهـ .
فما يقع في الْخُطَب والمحاضرات والأدعية مِن سَجْع قد يكون مُتكلّفا ، فيُنهَى عنه ، وإن كان بغير تكلّف فلا يُنهَى عنه .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض