المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يجوز أن نقول أن القرآن يروي لنا القصة بمعناها وليس بلفظها ؟؟


ناصرة السنة
20-02-2010, 11:37 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخي الفاضل عبدالرحمن السحيم
لدي إشكال وأرجو أن تساعدني فيه
وأرجو أن يكون ذلك بالتفصيل لأني قرأت بعض أقوال المشايخ لكن دون تفصيل
لذلك لم أفهم بشكل جيد
فأرجو أن ينشرح صدرك لنا ياشيخ
عسى أن يثيبك الله عز وجل
وهما سؤالان
متعلقان بنفس الموضوع
فأرجو أن لا يكون هناك تجاهلا لأحدهما لأنهما في نفس الموضوع :
بسم الله
- الأول-
إذا اختلفت ألفاظ القرآن في القصة الواحدة مثلاً لقاء موسى بربه ، أو رفض إبليس السجود لآدم ، فمرة قال:"أنا خير منه خلقتني من نار" ، ومرة يقول : "لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون."
كيف نجمع هذه الألفاظ كذلك هل يجوز أن نقول أن القرآن يروي لنا القصة بمعناها وليس بلفظها الأصلي؟ وإذا كان الجواب أن القرآن يترجم قول هؤلاء فماذا عن كفار العرب ( قريش) هل تكلم بنفس لفظهم أم بما معنى كلامهم بشكل أحكم كقوله تعالى على لسانهم (( وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيل وَعِنَب فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُف أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً (93) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَن قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَّسُولاً (94) ))
وأيضا الذي قاله الله تعالى عن المؤمنين وهم ينصحون الكفار (( وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون))
فهل كانوا يقولون للكفار أركعوا ام كانو يأمرونهم بالصلاة ولكن الله قال (اركعوا ) بلفظ يعني ما قالوه
والمشكلة
أيضا يا شيخ إذا كان نفس الموقف واختلاف الألفاظ والمعاني أيضا كيف نفسر ذلك ؟؟؟
-الثاني-
أيضا إذا قال الله تعالى عن شيء أنه حدث سيقول الرجل أو الشخص كذا
كقوله تعالى (( وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَاب غَلِيظ . ))
أو قوله :
(( وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ كفور))
فهل هذا بنفس اللفظ الذي سيقوله أم بالمعنى ؟

http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا

أولاً : القرآن أُنْزِل بلغات العرب المعروفة . وقصص الأمم السابقة محكية بِلغة القرآن الكريم ، وقد اعتنى العلماء بِذِكْر ما جاء مِن لُغات العرب ، وما جاءت حكايته بالمعنى ، وبَسْط ذلك في كُتُب التفاسير ، وكتُب علوم القرآن .

ثانيا : القصة قد تَرِد في القرآن في موضع بِخلاف الموضع الآخر ، بل لا يَكاد يُوجد قصة مُكررة في موضعين من غير اختلاف ، وذلك مُراعاة لِلحِكم المشتملة عليها القصة ، مع مراعاة أسلوب القرآن ، مِن بيان وإجمال ، واختصار وإطالة ، ونَشْر ولَفّ ، والتفات في الخطاب ، إلى غير ذلك مِن أساليب القرآن ، مما بسَطه العلماء في ذِكْر علوم القرآن وفنونه وأساليبه .
وقد تجد مثل قصة نوح عليه الصلاة والسلام مبسوطة بشيء من التفصيل في سورة " هود " وفي سورة بأكملها باسمه عليه الصلاة والسلام ، وهي سورة " نوح " . بينما قد تجد إشارة في بعض السور في آية أو آيتين ، وكذلك قصة موسى ، تُبسط في موضع وتُختصر في موضع بحسب ما يقتضيه السياق القرآني ، وبحسب موضوع السورة . وهكذا في القصص المتكرر في القرآن .

وقد عُني العلماء بذِكْر أساليب القرآن في كُتُب متخصصة ، مثل : فنون الأفنان في علوم القرآن ، لابن الجوزي ، والبرهان في علوم القرآن ، للزركشي ، ومُعترك الأقران ، للسيوطي .

كما أن بعض الألفاظ قد تَرِد في موضع يُراد بها معنى آخر غير المعنى الذي وَرَد في موضع آخر .
ومثال ذلك : الإنسان .. و الأرض ..
وهذه أشار إليها ابن الجوزي في أوّل كتابه " المدهش " .

وهناك كُتُب عُنيت ببيان الفروق اليسيرة وأسباب الاختلاف بين أساليب القرآن ، وبيان المواضع التي ورَد فيها زيادة حرف أو أحرف أو استبدال كلمة بأخرى في موضع عن موضع ، ومن هذه الكُتُب :
" درّة التَّنْزِيل وغرّة التأويل " ، تأليف : الخطيب الإسكافي .
و" البرهان في مُتَشَابه القرآن " ، تأليف : محمود الكِرماني .
و " كَشْف الْمَعَاني في الْمُتَشَابِه والْمَثَاني " ، تأليف : ابن جماعة .
و"التعبير القرآني" ، تأليف : د. فاضِل السَّامُرائي .
و" نظرات لغوية في القرآن الكريم " ، تأليف : د . صالح العايد .


والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد