المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يجب على حافظ القران أن يكون وقورا هادئا ويمسك أعصابه عند الغضب ؟


ناصرة السنة
20-02-2010, 09:20 PM
السلام عليكم ورحمه الله
أود أن أشكركم وأشكر الشيخ عبد الله السحيم والله يجازيه خير على مجهوداته
عندي سؤال أخي نبيل الإرشادي
هل يجب على حافظ القران أن يكون وقورا هادئا ويمسك أعصابه عند الغضب فأنا أحفظ القرآن لكني سريعة الغضب و إذا غضبت أو تكلمت مع إخوتي وأنا غاضبة فإنهن يقلن لي لا داعي لحفظ القران لأني منافقة ولست أهلا له علما أني لا أسب الدين أو ما شابه ولكني أعاند أختي وأتجادل معها في الكلام
ومرات فعلا أقول معهن حق أنا لست أهلا لحفظ القران لأن أخلاقي ليست مثل أخلاق الرسول والصحابة
فهل يجب أن تكون أخلاقي كخلق السلف الصالح لأحفظ القرآن وما تنصحوني لأغير من خلقي الذي لا يعجبني
مرة نصحت أختي تم بعد قليل طلبت مني أن أحضر لها بعض أمورها فقلت لها إني متعبة فقالت لي إني منافقة ولو كنت متدينة لأطعتها وتبدأ في قراءة آيات وأحاديث تحث على طاعة الأخوات فتأثرت كثيرا والله حرت هل فعلا يجب أن أكون إنسانة خلوقة ومطيعة وهادئة وإلا فإني لست مؤهلة لحفظ القرآن و الصلاة و نصيحة الآخرين كما أني متحجبة لكن لا ألبس الجلاب فهل يقبل الله طاعتي فأنا أحسن الطن بربي لكن لا أؤمن مكره فانا أحس نفسي خائنة لكتابه
أعلم أن سؤالي استشارة قبل أن يكون فتوى لكني اتق بهذا المنتدى العزيز على قلبي وأرجو أن لا تهملوا رسالتي

http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif
الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا

لا شكّ أن طلب الكمال البشري مطلوب ، سواء لِحامل القرآن أو لِغيره من المسلمين .
ولا شكّ أن كل مسلم ينبغي أن يتّخذ النبي صلى الله عليه وسلم أسوة وقُدوة في جميع شؤونه ، وكذلك يقتدي بالصحابة الكرام الأخيار .

وحامل القرآن أوْلَى أن يتخلّق بالأخلاق الفاضلة ، والخصال الكريمة .

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بِلَيْلِه إذ الناس نائمون ، ونهاره إذ الناس مُفطرون ، وبِوَرَعِه إذ الناس يَخْلِطون ، وبِتَواضعه إذ الناس يختالون ، وبِحُزْنه إذ الناس يفرحون ، وببكائه إذ الناس يضحكون ، وبِصَمْته إذ الناس يخوضون .
وقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : لا ينبغي لحامل القرآن أن يخوض مع من يخوض ، ولا يجهل مع من يجهل ، ولكن يعفو ويصفح لحق القرآن ؛ لأن في جوفه كلام الله تعالى .

واحرصي على قراءة القرآن وحفظه ، ولو كنت على أخلاق ليست بالتي تُريدين . فإن القرآن كفيل بتغيير أخلاق صاحبه ، ولو بعد حين ؛ لأن من قرأ القرآن بتدبّر وعمل به وُفِّق للمزيد ، وهُدي للتي هي أقوم ، كما قال تعالى : (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) .

وليس صحيحا أن من غضب أو خالف شيئا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه يكون مُنافِقًا ، فليس هذا هو النفاق ؛ لأن الإنسان لا ينفكّ عن طبيعته البشرية ، ولكن يُمكن تهذيبها ، وتعويد النفس على جميل الخصال ، وعلى الْحلْم والتحلّم ، كما قال عليه الصلاة والسلام : إنما العِلمَ بالتعلُّم والحِلْم بالتّحلُّم
وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخُدريّ رضيَ اللّهُ أنّ رسولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قال : " ومَن يَتصبّرْ يُصبّرْهُ اللّه ، وما أُعطِيَ أحدٌ عطاءً خيراً وأوسعَ منَ الصبر " .
فمن أراد أن يُصبحَ حليماً فليُعوِّد نفسه على الصفح والعفو .

والنفاق نوعان : عملي ، واعتقادي
والعملي ما يكون في الأخلاق المرذولة الردئية ، ويجمعها خمس خصال :
كَذِب في الحديث
وخُلْف في الوعْد
وخيانة في الأمانة
وفُجور في الخصومة
وغَدْر في العهود

والنفاق الاعتقادي : أن يُبطِن الكُفر ويُظهر الإسلام .

ولذلك من الخطأ أن يُوصف الإنسان لأدنى خطأ ، أو لغلبة طبع بالنفاق ؛ لأن هذا رمي له بأحد نوعي النفاق ، فإن لم يكن أهلا لها رجعت على قائلها ! فالمسألة ليست بهذه السهولة .

ومحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم نافية للنِّفاق .
فإن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم اجتمعوا في بيت عتبان بن مالك رضي الله عنه ، فقال قائل منهم : أين مالك بن الدخيشن أو بن الدخشن ؟ فقال بعضهم : ذلك منافق لا يحب الله ورسوله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تَقُل ذلك ، ألا تراه قد قال لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله ؟ قال : الله ورسوله أعلم . قال : فإنا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين ! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله . رواه البخاري ومسلم .

قال ابن رجب : وفيه : أن مَن رَمى أحدًا بِنفاق ، وذَكر سُوء عمله ، فإنه ينبغي أن تُرَدّ غيبته ، ويُذْكَر صاَلح عَمله . اهـ .

كما أن الأكمل في الإنسان أن لا يسأل الناس شيئا ، حتى ما يسقط منه ، لا يقول للناس : ناولوني إياه !
ففي حديث عَوْف بن مَالِك الأَشْجَعِيّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بايع أصحابه عَلَى أَنْ يعْبُدُوا اللَّهَ وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، قال : وَتُطِيعُوا ، وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً : وَلا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا . قال عوف : فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُ أَحَدِهِمْ فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ . رواه مسلم .

ولا يجب خدمة الأخت ولا الأخ ، وإنما ينبغي تقديره واحترامه .
فكيف تقول الأخت لأختها إذا تكاسلت عن خدمتها : إنها منافقة ؟!!

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد