المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شخص يدخن ويريد أن ينصح مدخنًا هل له ذلك أم يجب أن يكون صالحا


عبق
18-02-2010, 10:22 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.... تحية طيبة وبعد
س1: قال تعالى (( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم)).. الآية .. فلو افترضنا أن شخصا مدخن وأراد أن ينصح مدخنين فهل له أن ينصح من باب نصح نفسه ونصحهم أم أن مفهوم هذه الآية يمنعه من ذلك لأنه هو أصلا مدخن ويجب عليه أن ينصح نفسه أولاً ؟ وماذا عن شخص يدخن ولا يسمع أغاني مثلا وأراد أن يقدم نصيحة لمن يسمعون الأغاني فهل له ذلك أم أنه يجب أن يكون صالحاً ويكون داعية ؟؟
http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif

الجواب/

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا

بالنسبة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيجب على كل أحد ، وكل بحسبه .
وقد نصّ العلماء على أن أصحاب الكؤوس ! يجب أن يتناهوا فيما بينهم .
قيل للحسن البصري رحمه الله : إن فلاناً لا يَعِظ ، ويقول : أخاف أن أقول ما لا أفعل ! قال : وأيّـنا يفعل ما يقول ؟ ودّ الشيطان لو ظفر بهذا ، فلم يأمر أحد بمعروف ، ولم يَنْـهَ عن منكر .

قال القرطبي : وقال حذاق أهل العلم : وليس من شرط الناهي أن يكون سليما عن معصية ، بل يَنهى العصاة بعضهم بعضا . وقال بعض الأصوليين : فَرْض على الذين يتعاطون الكؤوس أن يَنْهَى بعضهم بعضا ، واستدلوا بهذه الآية قالوا لأن قوله : (كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَر فَعَلُوهُ ) يقتضي اشتراكهم في الفعل وذمّهم على ترك التناهي . اهـ .

وقال أيضا :
وليس من شرط الناهي أن يكون عدلا عند أهل السنة ، خلافا للمبتدعة حيث تقول : لا يُغَيِّره إلا عَدْل ، وهذا ساقط ، فإن العدالة محصورة في القليل من الخلق ، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر عام في جميع الناس . فإن تَشَبَّثُوا بقوله تعالى : ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ) ، وقوله : (كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ ) ونحوه ، قيل لهم : إنما وقع الذمّ ها هنا على ارتكاب ما نَهَى عنه لا على نَهْيِه عن المنكر . اهـ .

قال ابن حجر : ولو كان الآمر مُتَلَبِساً بالمعصية ، لأنه في الجملة يؤجر على الأمر بالمعروف ، ولا سيما إن كان مُطاعاً ، وأما إثمه الخاص به فقد يغفره الله له ، وقد يؤاخذه به ، وأما من قال : لا يأمر بالمعروف إلا من ليست فيه وَصْمَة ، فان أراد أنه الأولى ؛ فَجَيِّد ، وإلا فيستلزم سدّ باب الأمر إذا لم يكن هناك غيره ، ثم قال الطبري : فان قيل : كيف صار المأمورون بالمعروف في حديث أسامة المذكور في النار ؟ والجواب : أنهم لم يمتثلوا ما أُمِرُوا به ، فَعُذِّبوا بمعصيتهم ، وعُذِّب أميرهم بكونه كان يفعل ما ينهاهم عنه . اهـ .

قال المناوي في فيض القدير : ولو توقّف الأمر والنهي على الاجتناب لرُفع الأمر بالمعروف ، وتعطّل النهي عن المنكر ، وانسدّ باب النصيحة التي حثّ الشارع عليها ، سيما في ذا الزمان الذي صار فيه التلبس بالمعاصي شعار الأنام ودثار الخاص والعام . انتهى .

ولا يجب عليه السكوت حتى يتخلّص من المعاصي بل يأمر وينهى ، ولعل هذا الأمر والنهي يحمله على ترك ما ينهى عنه .
وربما إذا أمر أو نهى أتاه من يقول له : ( أَتَأْمُرُونَالنَّاسَبِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَأَنفُسَكُمْوَأَنتُمْتَتْلُونَالْكِتَابَ أَفَلاَتَعْقِلُونَ )
وقد شهدت مرة موقفاً مُشابها لهذا !
فقد خرجت من المسجد مع أحد الأقارب ، وكان هذا الرجل حليقاً ، فقابلنا رجلاً يوصف بنقص العقل ، وكان ذلك الرجل قد هذّب لحيته وقصصها ، فقال له صاحبي : ما هذا يا فلان ؟ وأشار إلى لحيته .
فَرَدّ عليه ناقص العقل بالآية السابقة ( أَتَأْمُرُونَالنَّاسَ ) !
وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية : أي تنهون الناس عن الكفر بما عندكم من النبوة والعهد من التوراة ، وتتركون أنفسكم ، أي وأنتم تكفرون بما فيها من عهدي إليكم في تصديق رسولي ، وتنقضون ميثاقي ، وتجحدون ما تعلمون من كتابي .

وقد قيل :
فلو لم يَعِظ في الناس مَن هو مُذنب = فَمن يَعِظ العاصين بعد محمدِ ؟ ( عليه الصلاة والسلام )


وهنا :
هل يمكنني أن أنصح الناس وأنا لدي ذنوب ومعاصٍ ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4690

ما حُكم مَن يأمر بالمعروف ولا يعمل به ، وينهى عن المنكر ويعمله ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13525

يُنكر المنكر ولكنه قد يأتيه ، فما الحكم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8155

والله تعالى أعلم .


المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض