المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الآية 26 من سورة النور , هل المقصود بذلك في الدنيا أم في الآخرة ؟


عبق
18-02-2010, 12:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
فضيلة الشيخالآية 26 من سورة النور طالما سببت لي الحيرة والشك في نفسي .
{الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}

وأرجو أن أجد لديكم التفسير فهل المقصود بذلك في الدنيا أم في الآخرة ؟
بارك الله فيكموأكثر الله من أمثالكم .
وجزاكم الله عنا كل خير .
http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif

الجواب/

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيراً
وبارك الله فيك

هي في الدنيا ، ويُوضحّ ذلك سبب النّزول ، وأقوال أهل التفسير .
والآية نزلت في الذين قالوا في زوجة النبي صلى الله عليه وسلم ما قالوا من البهتان . كما قال ابن جرير الطبري في التفسير .
وقال :
فهذا في الكلام ، وهم الذين قالوا لعائشة ما قالوا ، هم الخبيثون . والطيبون هم المبرءون مما قال الخبيثون .

وقال قتادة : الخبيثات من القول والعمل للخبيثين من الناس ، والخبيثون من الناس للخبيثات من القول والعمل .
وكذلك قال عطاء : الطيبات من القول للطيبين من الناس ، والطيبون من الناس للطيبات من القول ، والخبيثات من القول للخبيثين من الناس ، والخبيثون من الناس للخبيثات من القول .
وكذلك قال سعيد بن جبير .

وقال ابن عطية في الْمُحرَّر الوجيز :
اختلف المتأوِّلون في الموصوف في هذه الآية بـ الخبيث والطيب ؛ فقال ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة هي الأقوال والأفعال ، ثم اختلفت هذه الجماعة فقال بعضها : المعنى الكلمات والفعلات الخبيثات لا يقولها ولا يرضاها إلا الخبيثات من الناس ، فهي لهم وَهُم لها بهذا الوجه ، وكذلك الطيبات للطيبين ، وقال بعضها : المعنى الكلمات والفعلات الخبيثات لا تليق وتلصق عند رمي الرامي وقذف القاذف إلا بالخبيثين من الناس ، فهي لهم وَهُم لها بهذا الوجه . وقال ابن زيد : الموصوف بالخبيث والطيب النساء والرجال .
ثم قال : قال الفقيه الإمام القاضي [ يعني ابن عطية ] : وبهذه الآية قِيل لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم : الطيبات المبرءات . وقوله : (أولئك) إشارة إلى الطيبين المذكورين .

وقال القرطبي في التفسير :
قال ابن زيد : المعنى الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ، وكذا الخبيثون للخبيثات ، وكذا الطيبات للطيبين ، والطيبون للطيبات . وقال مجاهد وابن جبير وعطاء وأكثر المفسرين : المعنى الكلمات الخبيثات من القول للخبيثين من الرجال ، وكذا الخبيثون من الناس للخبيثات من القول ، وكذا الكلمات الطيبات من القول للطيبين من الناس ، والطيبون من الناس للطيبات من القول . قال النحاس في كتاب معاني القرآن : وهذا أحسن ما قيل في هذه الآية . ودل على صحة هذا القول : (أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ) أي عائشة وصفوان مما يقول الخبيثون والخبيثات . اهـ .

فعلى هذا من يَطعن في عائشة رضي الله عنها هو خبيث يَطعن في عرض النبي صلى الله عليه وسلم ، ويتكلّم في حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم .


وقد يَرِد إشكال في كون آسية تحت فرعون ، أو في زوجة نوح وزوجة لوط ، وما ذكره الله عنهما في القرآن .

أقول : هذا لا يُخرِج الوصف الغالب ، فإن الْحُكم يَتعلّق بالوصف الغالِب ، وكما يقول العلماء : لكل قاعدة شواذّ .
فكون آسية تحت فرعون لا ينقض قاعدة : الطيبات للطيبين .
ولا كَون امرأة نوح خانته فأفْشَتْ أسراره – وكذلك امرأة لوط – ويُقال فيهما ما قيل في امرأة فرعون ، وأن ذلك لا يَخرق القاعدة العامة .

والخيانة المذكورة في قوله تعالى : ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوح وَامْرَأَةَ لُوط كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ) ليست هي الزنا . قال ابن عباس رضي الله عنهما : ما زَنَتَـا ؛ أما خيانة امرأة نوح ، فكانت تقول للناس : إنه مجنون ، وأما خيانة امرأة لوط فكانت تدلّ على الضيف ، فتلك خيانتها .
قال ابن كثير : (فَخَانَتَاهُمَا) أي في الإيمان ، لم يوافقاهما على الإيمان ، ولا صدقاهما في الرسالة ، فلم يُجْدِ ذلك كله شيئا ، ولا دَفَعَ عنهما محذورا .

والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد