المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤال عن مناسبة نهايات الآيات


عبق
17-02-2010, 01:09 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم ونفع بكم
أسأل عن مناسبة السمع في ختام هذه الآيات الكريمات
" والله أنزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون " ( النحل ـ 65 )
"ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير " ( الحج ـ 61)
" قل أرءيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون "
( القصص ـ 71 )
" ومن آياته منامكم بالليل والنار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون " ( الروم ـ 23 )
هل ثم تلازم بين الليل والنهار والسمع ؟
نسأل الله ألا يجعلنا من المتكلفين
ويجعله بابا للتفكر في آيات الله
وجزاكم الله خيرا
http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا

هذا ليس من التكلّف ، فَعِلْم المناسبة مما تطرّق إليه العلماء ، سواء مناسبات السور مع بعضها ، أو مناسبات الآيات ، أو مناسبات ختم الآيات .

وهو على نوعين :
الأول : مُناسَبة الآي والسُّوَر ، وهو ما يُعَبَّر عنه - أحياناً - بـ ( التَّنَاسُب ) .
وفيه ألَّف البقاعي كتابه " نَظم الدُّرَر في تناسُب الآيات والسُّوَر " ، والسيوطي : " أسْرَار القرآن " .
الثاني : مُناسَبة ذلك اللَّفْظ ، أوْ تِلك العِبَارة لِذَلك الْمَوْضِع دُون غيره .
وفيه مؤلَّفات ، منها : " درّة التَّنْزِيل وغرّة التأويل ، الخطيب الإسكافي" ، " البرهان في مُتَشَابه القرآن " ، الكِرماني ، و " كَشْف الْمَعَاني في الْمُتَشَابِه والْمَثَاني " ، ابن جماعة ، و"التعبير القرآني" ، فاضِل السَّامُرائي .

قال السيوطي : " وعِلْم الْمُنَاسَبَة عِلْم شَرِيف قَلّ اعْتِنَاء الْمُفَسِّرِين بِه لِدِقَّتِه ، ومِمَّن أكْثر مِنْه الإمَام فَخْر الدِّين ، وقال في تَفْسِيره : أكْثر لَطَائف القُرآن مُودَعَة في التَّرْتِيبَات والرَّوَابط " وأصْل هذا القَول للزركشي في " البرهان " .
" وقَال الشَّيخ عِزّ الدِّين بن عبد السلام : الْمُنَاسَبة عِلْم حَسَن ، لَكِن يُشتَرَط في حُسْن ارْتِبَاط الكَلام أن يَقَع في أمْر مُتَّحِد أوّله بآخِره ، فإن وَقَع على أسْبَاب مُخْتَلِفَة لَم يَقَع فيه ارْتِبَاط ، ومَن رَبَط ذَلك فَهو مُتَكَلِّف بِمَا لا يَقْدِر عليه إلاَّ بِربْط رَكِيك ، يُصَان عن مِثْله حَسَن الْحَدِيث ، فَضْلاً عن أحْسَنه ، فإنَّ القُرآن نَزَل في نَيِّف وعِشْرِين سَنَة ، في أحْكَام مُختِلِفَة ، شُـرِعتْ لأسْبَاب مُختَلِفَة ، ومَا كان كَذلك لا يَتَأتّى رَبْـط بَعْضِه بِبَعْض " .
وقال الشيخ وليّ الدين الملوي : قَدْ وَهِم مَن قَال : لا يُطلَب للآية الكَرِيمة مُناسَبَة ؛ لأنها على حَسَب الوَقَائع الْمُتَفَرِّقَة ، وفَصْل الْخِطَاب أنها على حَسَب الوَقَائع تَنْزِيلاً ، وعلى حَسَب الْحِكْمَة تَرْتِيبًا وتَأصِيلاً " .

وفي غير آية إذا ذُكِر الليل ذُكِر معه السَّمْع ؛ لأن سُلطان السَّمْع وقوّته في الليل أظهر منه في النهار ، وإذا ذُكِر النهار ذُكِر النهار ذُكِر معه البَصَر ؛ لأن سُلطان البَصَر وقوّته في النهار أظهر منه في الليل .

وأما في آية " النحل " فليس من هذا الباب ، فقد قال الخطيب الإسكافي فيها : إنما ذَكَر ( يسمعون ) توبيخا لمن أنكر البعث واستبعد الحياة الثانية ، فكأنه قيل له : إن ذلك قبل التدبّر مُقرر في أوّل العقل ، حتى إن من يسمعه يعترف به ، وهو أن الأرض الميتة يسقيها الله بِماء السماء ، فتعُود حيَّة بِنباتها ، فكذلك لا يُستنكَر أن يُحيي الخليقة بعد موتها . اهـ .

كما أنه إذا قُدِّم الليل قُدِّم السمع في الذِّكْر ، وإذا قُدِّم النهار قُدِّم البَصَر .

والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم