المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل العالِم يتقرّب لطالِب العلم أم العكس ؟


رولينا
16-02-2010, 07:19 PM
شيخنا الكريم
سائلة تسأل
تقول في سؤالها
أيهما أولى بالتقرب من الأخر .. العالم أو طالب العلم
وأن كان العالم مغرور أو متكبر ، هل يتقرب له أو يترك ؟؟

وفقنا الله وإياكم لطريق الحق والنور
http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
ووفقك الله لكل خير .

طالِب العِلْم أوْلى بالتقرّب إلى الشيخ ؛ لأن الطالب مُحتاج إلى الشيخ ، ولذلك كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول : إن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه وهو قائلٌ فأتوسّدُ ردائي على بابه ، فَتَسْفِي الريح عليَّ التراب ، فيخرج فيراني ، فيقول : يا ابن عم رسول الله ألا أرسلت إلي فآتيك ؟ فأقول : أنا أحق أن آتيك فأسألك . قال : فبقي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس عليّ ، فقال : هذا الفتى أعقل مني .
وكان ابن عباس يَعرف لمعلّميه حقّهم ، فقد قام ابن عباس إلى زيد بن ثابت فأخذ له بِرِكابِه ، فقال : تَنَحّ يا ابنَ عمِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : إنَّـا هكذا نفعل بعلمائنا وكُبرائنا .
وبعد هذا بِزمَن قال ابن عباس : ذَلَلْتُ طَالِباً ، فَعَزَزْتُ مَطْلُوباً .

َقَالَ أَبُو عُبَيْد الْقَاسِمُ بْنُ سَلام : مَا اسْتَأْذَنْت قَطُّ عَلَى مُحَدِّث ، كُنْت أَنْتَظِرُ , حَتَّى يَخْرُجَ إلَيَّ , وَتَأَوَّلْتُ قَوْله تَعَالَى : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ) .

وهكذا كان أهل العلم يُذِلّون أنفسهم من أجل رفع الجهل عن أنفسهم ، ومن أجل تحصيل العلم . وكانوا يصبرون على شِدّة شيوخهم .

وذكر عبدُ الله بنُ أحمد في كتاب العلل له قال : كان عروةُ بنُ الزبيرِ يُحِبُّ مماراةَ ابنِ عباس ، فكان يَخْزِنُ عِلمَه عنه ، وكان عبيدُ الله بنُ عبدِ الله بنِ عُتبة يُلَطِّفُ له في السؤال فَيَعِزُّه بالعلم عِزّا .
وقال ابن جريج : لم أستخرج العلم الذي استخرجت من عَطَاء إلاّ بِرِفْقِي بِهِ .
رَوَى الْخَلالُ أَنَّ أَحْمَدَ جَاءَ إلَى وَكِيع وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْكُوفِيِّينَ فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ أَدَبِهِ وَتَوَاضُعِهِ . فَقِيلَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إنَّ الشَّيْخَ لَيُكْرِمُك فَمَا لَك لا تَتَكَلَّمُ ؟ فَقَالَ : وَإِنْ كَانَ يُكْرِمُنِي فَيَنْبَغِي لِي أَنْ أُجِلَّهُ .
وفي الصحيح أن جبريل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى جلس إليه فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه .

وهكذا يكون أدب المتعلِّم مع المعلِّم .

أما إذا كان العالم مُتكبِّرا فإن لم يكن ثَمّ غيره ، فليصبر طالب العلم حتى يأخذ مِن علمه ما أراد ، وإن وُجِد غيره فهو أوْلى ؛ لأن الطالب يكتسب مِن أخلاق شيخه وتعامله وهَديه .

والله أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد