المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يجوز للإمام أن يتميز عن المأمومين بالصلاة على سجادة خاصة ؟


نسمات الفجر
15-02-2010, 10:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ الفاضل : عبد الرحمن السحيم - حفظه الله و رعاه -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد
في مسجدنا يضعون للإمام سجادة عند المحراب فوق فراش المسجد ليصلي عليها ، فهل يجوز للإمام أن يتميز عن المأمومين بالصلاة على هذه السجادة ؟ أم يصلي على فراش المسجد مباشرة كما يصلي عليه المأمومون ؟
وهل يجوز الاستدلال بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر ، بجواز تميز الإمام على المأمومين في الصلاة ؟
تقبلوا خالص تحياتي
وجزاكم الله خيراً
أخوكم

http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif

الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .

لا يجوز للإمام أن يتميّز عن المأمومين ، وذلك لأنه لم يتقدّم الناس إلاّ لِما فضُل عليهم به مِن حفظ للقرآن وتعلّم للسّنة ، ولذلك يُكره للإمام أن يبقى طويلا في مكانه الذي صلّى فيه .
قالت عائشة : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والإكرام . رواه مسلم .

ولذلك كَرِه أهل العِلْم أن يُصلِّي الإمام على مكان أرفع مِن مكان المأمومين دون حاجة .
وعَلّلوا ذلك بأن يَدعو إلى الكِبر .

قال الإمام القرطبي في مسألة ارتفاع الإمام عن المأمومين :
وقد اختلف في هذه المسألة فقهاء الأمصار ؛ فأجاز ذلك الإمام أحمد وغيره مُتَمَسِّكا بِقِصّة المنبر ، ومنع مالك ذلك في الارتفاع الكثير دون اليسير ، وعلل أصحابه المنع بِخَوف الكِبر على الإمام . قال القرطبي : قلت : وهذا فيه نَظر ، وأحسن ما فيه ما رواه أبو داود عن همام أن حذيفة أم الناس بالمدائن على دكان فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه ، فلما فرغ من صلاته قال : ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن هذا ، أو يُنْهى عن ذلك ؟ قال : بلى ، قد ذكرتُ حين مَددتني . وروى أيضا عن عدي بن ثابت الأنصاري قال : حدثني رجل أنه كان مع عمار بن ياسر بالمدائن ، فأُقِيمت الصلاة ، فتقدم عمار بن ياسر وقام على دُكّان يُصَلي والناس أسفل منه ، فتقدم حذيفة فأخذ على يديه ، فاتبعه عمار حتى أنزله حذيفة ، فلما فرغ عمار من صلاته قال له حذيفة : ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا أمّ الرجل القوم فلا يَقُم في مكان أرفع من مقامهم ، أو نحو ذلك ؟ فقال عمار : لذلك اتبعتك حين أخذت على يدي . اهـ .


وقال ابن قدامة في المغني : المشهور في المذهب أنه يكره أن يكون الإمام أعلى من المأمومين ، سواء أراد تعليمهم الصلاة أوْ لَم يُرِد ، وهو قول مالك والأوزاعي وأصحاب الرأي. اهـ .

وقال ابن مفلح رحمه الله : ويكره للإمام إطالة القعود بعد الصلاة مستقل القبلة ، لقوله عائشة : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سَلَّم لم يقعد إلاَّ مقدار ما يقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام . اهـ .

فعلى هذا ليس للإمام أن يتميّز عن المأمومين بشيء غير التقدّم عليهم للصلاة ، ويتميّز أيضا بأفعاله ، أما البقاء في مكانه طويلا ، أو الارتفاع عن مستوى المأمومين دون حاجة ، أو وضع سجادة خاصة له ، أو إيجاد مُتَّكأ له ؛ فكُل هذا مما يُمنع منه .

ولا يجوز الاستدلال بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر ، بجواز تميز الإمام على المأمومين في الصلاة ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام فَعَل ذلك لأجل تعليم الناس ، ويَرى جَمْع مِن العلماء أن صلاته عليه الصلاة والسلام منسوخة .

والله أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد