المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسألة التحيز و كيف ينبغي فهمها


جوزي أبو عثمان
27-10-2016, 12:43 PM
السلام عليكم و طال الله عمركم
شيخنا الفاضل عندنا الطائفة تقول أن الله متحيز و ما معني ذلك؟
و أخرى تقول أنه سبحانه و تعالى في الفضاء ثلاثي الأبعاد فكيف فهم هذه العبارات؟ هل لها أصل في ديننا؟ و ما هو موقفنا بنسبة لهذه الألفاظ؟

عبد الرحمن السحيم
29-10-2016, 09:37 PM
الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وأطال الله عمرك على طاعته .

صِفات الله عزّ وَجَلّ توقيفية ، فلا يُوصَف الله عَزّ وَجَلّ إلاّ بمِا وصَف به نفسه أو وصَفَه به رسوله صلى الله عليه وسلم .

وقد قرّر العلماء أن الألفاظ التي لم يَرِد نَفيها ولا إثباتها لا تُطْلَق على الله حتى يُنْظَر في مَقصود قائلها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : لفظ " الجسم " و " الحيز " و " الجهة " ألفاظ فيها إجمال وإبهام وهي ألفاظ " اصطلاحية " وقد يراد بها معان متنوعة ولم يرد الكتاب والسنة في هذه الألفاظ لا بنفي ولا إثبات ولا جاء عن أحد من سلف الأمة وأئمتها فيها نفي ولا إثبات أصلا ...
وبالجملة فمعلوم أن الألفاظ نَوْعَان :
لَفظ وَرَد في الكتاب والسنة أو الإجماع ؛ فهذا اللفظ يجب القول بِموجِبه ، سواء فهمنا معناه أو لم نفهمه ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقول إلاّ حقّا ، والأمة لا تجتمع على ضلالة .
والثاني : لَفظ لم يَرِد به دليل شرعي ؛ كهذه الألفاظ التي تنازَع فيها أهل الكلام والفلسفة ، هذا يقول : هو متحيز . وهذا يقول : ليس بِمُتحيز . وهذا يقول : هو في جِهة . وهذا يقول : ليس هو في جهة . وهذا يقول : هو جِسم أو جَوهر . وهذا يقول : ليس بِجسم ولا جوهر . فهذه الألفاظ ليس على أحد أن يقول فيها بِنَفي ولا إثبات حتى يَستفسِر الْمُتَكلِّم بذلك ؛ فإن بَيَّن أنه أثبت حقا أثبته ، وإن أثبت باطلا رَدّه ، وإن نَفَى باطلا نَفَاه ، وإن نَفَى حَقّا لم يَنفِه . وكثير مِن هؤلاء يَجمَعون في هذه الأسماء بين الحق والباطل في النفي والإثبات . اهـ .

ولا يُعدَل عن اللفظ الشرعي إلاّ لمصلحة راجحة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : طريقة السلف والأئمة أنهم يُراعُون المعاني الصحيحة المعلومة بالشرع والعقل ، ويُراعون أيضا الألفاظ الشرعية ؛ فيُعبِّرون بها ما وَجدوا إلى ذلك سبيلاً ، ومَن تكلَّم بما فيه معنى باطل يُخالف الكتاب والسنة ردّوا عليه ، ومَن تكلم بِلفظ مُبْتَدَع يَحتمل حقًّا وباطلاً نسبوه إلى البدعة أيضا ، وقالوا : إنما قابل بدعة ببدعة ، ورَدّ باطلاً بباطل . اهـ .

وقال شيخنا العثيمين : إذا قال قائل : هل نَصِف الله تعالى بأنه مُتحيز أو في حيز ؟
قلنا : لفظ " التحيز " أو " الحيز " ليس في الكتاب والسنة إثباته ولا نفيه عن الله تعالى ، فليس فيهما أنه في حيز ، أو مُتحيز ، ولا أنه ليس كذلك ، وفي النصوص ما يغني عنه مثل الكبير المتعال .
وقد اضطرب المتأخرون في إثبات ذلك لله تعالى أو نَفيه عنه ، فإذا أجْرَينَاه على القاعدة قلنا : أما اللفظ فلا نُثبِته ولا نَنفيه لِعَدم ورُود السَّمْع به ، وأما المعنى فيُنظَر ماذا يُراد بالحيز أو المتحيز ؟ أيُرَاد به أن الله تعالى تَحُوزه المخلوقات وتحيط به ؟ فهذا معنى باطل ، مَنْفِيّ عن الله تعالى لا يَلِيق به ، فإن الله أكبر وأعظم وأجلّ مِن أن تُحيط به المخلوقات وتَحوزه . كيف وقد وَسِع كُرسِيّه السموات والأرض ، والأرض جميعا قَبضَته يوم القيامة والسموات مَطوِيّات بِيمِينه ؟
وفي الصحيحين وغيرهما مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يَقبِض الله تبارك وتعالى الأرض يوم القيامة ويَطوي السموات بيمينه ثم يقول : أنا الْمَلِك أين ملوك الأرض ؟ ".
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : ما السموات السَّبع والأرَضُون السَّبع وما فيهن في يَدِ الرحمن إلاّ كَخَرْدَلة في يَدِ أحدكم .
أم يُراد بالحيز أو المتحيز : أن الله مُنحَاز عن المخلوقات ، أي : مُبَايِن لها مُنفَصِل عنها لَيس حَالاًّ فيها ، ولا هي حَالّة فيه ؟ فهذا حَقّ ثابت لله عز وجلّ ، كما قال أئمة أهل السُّنة : هو فوق سَماواته على عَرشه ، بائن مِن خَلْقِه . اهـ .

وأما قول (بأنه سبحانه وتعالى في الفضاء ثلاثي الأبعاد) فهو قول مُحدَث مُبتَدَع .

وسبق الجواب عن :
هل تثبت صفة الإحساس لله عز وجل ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11565 (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11565)

هل صِفَة الشمّ مِن صفات الله تبارك وتعالى ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=906

هل تعتبر آيات الصفات في القرآن الكريم مِن الْمُتَشَابِه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=15388

فائدة :
حُكم قول : "الله يبقيك" أو "طال عمرك"
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12

والله تعالى أعلم .