المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يجوز التفاخر بين المسلمين؟


ناصرة السنة
15-02-2010, 02:11 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي فضيلة الشيخ:
هل يجوز الإفتخار ( بالنسب او بالرجل الطيب من قومي او بالعمل الصالح او بقوة البدن او برجال الدين او بالحكومة او في قتل مشرك او في تحمل مشقه طاعة كمثل الحج او في كتابه قصيده او خطاب او حفظ شيء ما) ؟
وجزاك الله خير

http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا

الأصل أن لا يقع التفاخر بين المسلمين ، لقوله عليه الصلاة والسلام : إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ، ولا يَبْغِ أحَد على أحد . رواه مسلم .

والفَخْر منه ما هو جائز ، ومنه ما هو منهي عنه ممنوع شرعا .

قال عليه الصلاة والسلام : الخيلاء التي يحبها الله اختيال الرجل بنفسه عند القتال ، واختياله عند الصدقة ، والخيلاء التي يبغض الله فاختيال الرجل بنفسه في الفخر والخيلاء . رواه الإمام أحمد واالنسائي .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : دل على أن الاستطالة على الناس ان كانت بغير حق فهى بَغْي ، إذ البغي مُجَاوزة الْحَدّ ، وإن كانت بِحَقّ فهي الفَخْر . اهـ .

قال عليه الصلاة والسلام : أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر في الأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة . رواه مسلم .

وفي حديث ابن عباس أن العباس بن عبد المطلب جاء عام الفتح بأبي سفيان بن حرب فأسْلَم بِمَرّ الظهران ، فقال العباس لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يُحِبّ هذا الفخر ، فلو جعلتَ له شيئا . قال : نعم ، من دَخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن . رواه أبو داود .

ويجوز الافتخار بالعِلْم إذا لم يكن على سبيل التعالي .

قال ابن عبد البر : وفي قول عبد الله بن سلام رضي الله عنه : " قد علمتُ أيّ ساعة هي " دليل على أن للعَالِم أن يقول : قد علمت كذا ، وأنا أعلم كذا ، إذا لم يكن على سبيل الفخر ، وما الفخر بالعِلْم إلاَّ حَديث بنعمة الله .

وفي حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه أنه بينما يسير هو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الناس مَقْفَلَهُ مِنْ حُنَيْن ، فَعَلِقَهُ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَة ، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ ، فَوَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَعْطُونِي رِدَائِي ، لَوْ كَانَ لِي عَدَدُ هَذِهِ الْعضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ، ثُمَّ لا تَجِدُونِي بَخِيلا وَلا كَذُوبًا وَلا جَبَانًا . رواه البخاري .
قال ابن حجر : وفيه جواز وصف المرء نفسه بالخصال الحميدة عند الحاجة ، كخوف ظن أهل الجهل به خلاف ذلك ، ولا يكون ذلك من الفخر المذموم . اهـ .

ومن الفخر الذموم بالقبيلة أو بالحسب ما تُذمّ به القبائل الأخرى ، أو يكون افتخار الشاعر بِقبيلته على حساب القبائل الأخرى ، ونحو ذلك .

وقال ابن عبد البر عن الشِّعْر : وأما ما كان فيه من الفخر بالآباء الكفار ، والتشبيب بالنساء ، وذكرهن على رؤوس الملأ ، وشِعر يكون فيه شيء مِن الْخَنَا ؛ فهذا كله لا يجوز في المسجد ولا في غيره ، والمسجد أوْلَى بالتَّنْزِيه مِن غيره . اهـ .

فائدة :
مُصطلح " رِجال الدين " مُصطلح نصراني !
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله : الدِّين في الفكر الغربي بشتى مذاهبه ودياناته يعني : العبادة المصحوبة بالرهبة أو الوحشة . ومعنى هذا أنّ رجل الدِّين لا يَصلح لِفَهْم أمور المعاش بسبب انقطاعه عن محبة الناس ، وليس كذلك في مفهوم الإسلام الذي لا يعترف بأن هناك رجل دِين له نفوذ واختصاص ، فكل مسلم رجل دين ودنيا .
فالدين في المفهوم الإسلامي هو : ما شرعه الله على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيما ينظم صلة العبد مع ربه ومع عباده على اختلاف طبقاتهم ، وينظم أُمور معاشه وسلوكه ، من غير وجود وساطة بشرية .
ولهذا فلا تجد في المعاجم الإسلامية ما يسمى برجال الدين ، وإنما تسربت بواسطة المذاهب المادية وخاصة : العلمانية . وقد بسط الأُستاذ الحوالي عن هذه الاصطلاح في كتابه " العلمانية " ، فَشَفَى ، ويُرجع إليه . والله أعلم .


والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد