المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استدان منّي رجُل فقير فهل يجوز أن أتنازل عن الدَّين وأعتبره زكاةً لأموالي الأخرى ؟


راجية العفو
14-02-2010, 04:14 PM
سؤال أحد الإخوة
اقرضت احد اقاربي مبلغ من المال 150 الف ريال قبل حوالي 8 سنوات و تدهورت حالته المالية و هو رب لاسره كبيرة (6 بنات و ولد) و دخل السجن بسبب التزامات ماليه اخرى لمدة 3 سنوات وهو الان من مستحقي الزكاه .
فهل يجوز لي ان اتنازل عن ديني له و احسبها من زكاة اموالي ؟ زكاه مالي السنوي حوالي 10 الاف ريال اي اني لن ازكي مده 15 سنه اذا كان الجواب نعم
http://al-ershaad.com/vb4/image/bsmlaa.gif

الجواب :

لا يجوز التنازل عن الدَّين واحتسابه من الزكاة .

وقد سُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ إسْقَاطِ الدَّيْنِ عَنْ الْمُعْسِرِ : هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَحْسِبَهُ مِنْ الزَّكَاةِ ؟
فَأَجَابَ : وَأَمَّا إسْقَاطُ الدَّيْنِ عَنْ الْمُعْسِرِ فَلا يُجْزِئُ عَنْ زَكَاةِ الْعَيْنِ بِلا نِزَاع ، لَكِنْ إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّ الزَّكَاةَ : فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ قِدْرَ زَكَاةِ ذَلِكَ الدَّيْنِ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ زَكَاةَ ذَلِكَ الدَّيْنِ ؟ فَهَذَا فِيهِ قَوْلانِ لِلْعُلَمَاءِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ ، أَظْهَرُهُمَا الْجَوَازُ ؛ لأَنَّ الزَّكَاةَ مَبْنَاهَا عَلَى الْمُوَاسَاةِ ، وَهُنَا قَدْ أَخْرَجَ مِنْ جِنْسِ مَا يَمْلِكُ بِخِلافِ مَا إذَا كَانَ مَالُهُ عَيْنًا وَأَخْرَجَ دَيْنًا ، فَإِنَّ الَّذِي أَخْرَجَهُ دُونَ الَّذِي يَمْلِكُهُ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ إخْرَاجِ الْخَبِيثِ عَنْ الطِّيبِ ، وَهَذَا لا يَجُوزُ . كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) الآيَةَ . وَلِهَذَا كَانَ عَلَى الْمُزَكِّي أَنْ يُخْرِجَ مِنْ جِنْسِ مَالِهِ لا يُخْرِجُ أَدْنَى مِنْهُ ، فَإِذَا كَانَ لَهُ ثَمَرٌ وَحِنْطَةٌ جَيِّدَةٌ لَمْ يُخْرِجْ عَنْهَا مَا هُوَ دُونَهَا . اهـ .

وسُئل شيخنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
هل يجوز إسقاط الدين عن المدين، ويكون ذلك من الزكاة؟
فأجاب رحمه الله بقوله : هذا لا يجوز ؛ لأن الله تعالى قال : ( خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَوَٰتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) ، والأخذ لابد أن يكون بِبَذْل مِن المأخوذ منه ، وقال النبي عليه الصلاة والسلام : " أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فَتُرَدّ " فقال : " تؤخذ من أغنيائهم فَتُرَدّ "، فلا بُدّ مِن أخْذ وَرَدّ ، والإسقاط لا يوجد فيه ذلك ؛ ولأن الإنسان إذا أسقط الدين عن زكاة العين التي في يده ، فكأنما أخرج الرديء عن الطيب ، لأن قيمة الدَّين في النفس ليست كقيمة العين ، فإن العين ملكه وفي يده ، والدين في ذِمة الاۤخرين ، قد يأتي وقد لا يأتي ، فصار الدين دون العين ، وإذا كان دونها فلا يصح أن يخرج زكاة عنها لنقصه ، وقد قال تعالى: (وَلاَ تَيَمَّمُواْ ٱلْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِأَخِذِيهِ إِلاّۤ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) ، ومثال ما سألت عنه : لو كان على الإنسان عشرة آلاف ريال زكاة ، وهو يطلب رجلاً فقيراً عشرة آلاف ريال ، فذهب إلى الرجل الفقير وقال : قد أسقطت عنك عشرة آلاف ريال ، وهي زكاتي لهذا العام . قلنا : هذا لا يصح ؛ لأنه لا يصح إسقاط الدين وجعله عن زكاة عين لِمَا أشرنا إليه آنفاً، وهذه مسألة يُخْطِئ فيها بعض الناس ويتجاوزها جهلاً منه ، وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله : أنه لا يجزئ إسقاط الدين عن زكاة العين بلا نزاع .

والله تعالى أعلم .

المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض