راجية العفو
29-08-2015, 11:59 PM
السؤال
شيخنا المبارك
أحد المشايخ قام يلقي درساً بأحد مساجد حيَّنا وقال كلاماً في نفسي منه شيء لكن لا عِلمَ عندي لرده فأرجو بيان الحق في قوله:
قال : بأنه يجوز أكل لحوم البشر إذ لا دليل على تحريم أكلها والأصل في الأشياء الإباحة،
وليس لأحد أن يستدل بقوله " أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه "
فبمفهوم المخالفة يجوز أكله حياً لو قطع عضو من أعضائه لأن ما أبين من حي فهو كميتته وميتتة الإنسان طاهرة.
ولا يصح كذلك الاستدلال ب " كل المؤمن على المؤمن حرام دمه .. "
لأنه خطاب للمؤمنين وعليه فيخرج غير المؤمن.
إلى آخر ماذكره مما لست أذكره ، ثم ختم كلامه قائلاً : أنه لا يوجد دليل من كتاب أوسنة على تحريم أكل لحوم البشر إلا الاستقذار العرفي ولا يصح دليلاً إذ أن غيرك لا يستقذره.
أرجو التوضيح والإبانة بورك فيكم
http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif
الجواب :
وبارك الله فيك .
رَحِم الله الإمام أحمد إذْ كان يقول : إياك أن تتكلّم في مسالة ليس لك فيها إمام .
ورَحِم الله شيخ الإسلام ابن تيمية إذْ كان يقول : وكُلّ قول يَنْفَرد به المتأخِّر عن المتقدمين ولم يَسْبِقه إليه أحد منهم فإنه يكون خطأ . اهـ .
وهذه المسألة أشْهَر مِن أن تُذكَر أو يُطلب لها دليل تحريم !
وليس يصحُّ في الأذهانِ شيءٌ ... إذا احتاجَ النهارُ إلى دليل
وتحريم أكْل لَحْم الآدمي مَحَلّ إجماع ، إلاّ في حال الاضطرار ؛ فقد اختلفوا في لحم غير معصوم الدمّ .
قال ابن قدامة في المغني :
يَحْرم على المضطر قَتل آدمي معصوم لِيأكُله ؛ مُسْلِمًا كان أو ذِمّيًّا لِحُرْمَته ، ويجوز ذلك إن كان حربيا أو مرتدا ؛ لأنه لا حُرمة له ، فهو بِمَنْزِلة السِّباع . وإن وُجد مَيتا جاز أكله كَما لو قَتَله . وإن وَجَد معصوما مَيتا ، لم يُبَح أكله ...
واحتج أصحابنا بحديث : كَسْر عَظْم الميت كَكَسْر عظم الْحَيّ .
واختار أبو الخطاب أن له أكْله . وقال : لا حُجة في الحديث هاهنا ؛ لأن الأكل مِن اللحم لا مِن العظم . اهـ .
وقال القرطبي في تفسيره : إذا وَجَد المُضْطَرّ ميتة وخنزيرا ولَحْم ابن آدم ، أكل الميتة ، لأنها حلال في حال. والخنزير وابن آدم لا يَحِلّ بِحَال . والتحريم المُخَفَّف أوْلى أن يُقْتَحَم مِن التحريم الـمُثَقَّـل . اهـ .
وقال الزيلعي في " تبيين الحقائق شرح كَنْز الدقائق " فيما يتعلّق بالْمُحْرِم :
وَإِنْ وَجَدَ لَحْمَ إنْسَانٍ وَصَيْدًا أَكَلَ الصَّيْدَ ؛ لأَنَّ لَحْمَ الإِنْسَانِ حَرَامٌ حَقًّا لِلشَّرْعِ وَحَقًّا لِلْعَبْدِ ، وَالصَّيْدُ حَقًّا لِلشَّرْعِ لا غَيْرُ ، فَكَانَ أخَفّ . اهـ .
واستدلّ العلماء على تحريم أكل لَحْم الآدمي بقوله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ)
قال ابن عابدين في " حاشية رد المختار على الدر المختار " : لحم الإنسان لا يُباح في الاضطرار لِكَرَامته . اهـ .
ثم إن أكْل لَحْم الآدمي مُضِرّ بآكِله ، ولذلك يُذْكَر بأن آكِل لحم الآدمي يُصاب بالسُّعار (الكَلَب) .
وقد ذَكَر بعض مشايخنا أن أقرب اللحوم إلى لحم الآدمي هو لحم الخنزير ، ولعل هذا مِن أسباب تحريم أكل لحم الخنزير ، وبالتلي فالْحُكم مُنْسَحب على لَحْم ابن آدم لِضرره .
وقد أمَر الله بأكْل الحلال الطيب ، ولَحْم الآدمي ليس كذلك ؛ لِمَا فيه مِن الأضرار ، ولِلإجماع على تحريمه في غير الاضطرار .
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا ًطَيِّبًا)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فَإِنَّمَا أَذِنَ لِلنَّاسِ أَنْ يَأْكُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ بِشَرْطَيْنِ : أَنْ يَكُونَ طَيِّبًا ، وَأَنْ يَكُونَ حَلالا . اهـ .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية
شيخنا المبارك
أحد المشايخ قام يلقي درساً بأحد مساجد حيَّنا وقال كلاماً في نفسي منه شيء لكن لا عِلمَ عندي لرده فأرجو بيان الحق في قوله:
قال : بأنه يجوز أكل لحوم البشر إذ لا دليل على تحريم أكلها والأصل في الأشياء الإباحة،
وليس لأحد أن يستدل بقوله " أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه "
فبمفهوم المخالفة يجوز أكله حياً لو قطع عضو من أعضائه لأن ما أبين من حي فهو كميتته وميتتة الإنسان طاهرة.
ولا يصح كذلك الاستدلال ب " كل المؤمن على المؤمن حرام دمه .. "
لأنه خطاب للمؤمنين وعليه فيخرج غير المؤمن.
إلى آخر ماذكره مما لست أذكره ، ثم ختم كلامه قائلاً : أنه لا يوجد دليل من كتاب أوسنة على تحريم أكل لحوم البشر إلا الاستقذار العرفي ولا يصح دليلاً إذ أن غيرك لا يستقذره.
أرجو التوضيح والإبانة بورك فيكم
http://www.riadalsona.com/upload/file-1346793084bg.gif
الجواب :
وبارك الله فيك .
رَحِم الله الإمام أحمد إذْ كان يقول : إياك أن تتكلّم في مسالة ليس لك فيها إمام .
ورَحِم الله شيخ الإسلام ابن تيمية إذْ كان يقول : وكُلّ قول يَنْفَرد به المتأخِّر عن المتقدمين ولم يَسْبِقه إليه أحد منهم فإنه يكون خطأ . اهـ .
وهذه المسألة أشْهَر مِن أن تُذكَر أو يُطلب لها دليل تحريم !
وليس يصحُّ في الأذهانِ شيءٌ ... إذا احتاجَ النهارُ إلى دليل
وتحريم أكْل لَحْم الآدمي مَحَلّ إجماع ، إلاّ في حال الاضطرار ؛ فقد اختلفوا في لحم غير معصوم الدمّ .
قال ابن قدامة في المغني :
يَحْرم على المضطر قَتل آدمي معصوم لِيأكُله ؛ مُسْلِمًا كان أو ذِمّيًّا لِحُرْمَته ، ويجوز ذلك إن كان حربيا أو مرتدا ؛ لأنه لا حُرمة له ، فهو بِمَنْزِلة السِّباع . وإن وُجد مَيتا جاز أكله كَما لو قَتَله . وإن وَجَد معصوما مَيتا ، لم يُبَح أكله ...
واحتج أصحابنا بحديث : كَسْر عَظْم الميت كَكَسْر عظم الْحَيّ .
واختار أبو الخطاب أن له أكْله . وقال : لا حُجة في الحديث هاهنا ؛ لأن الأكل مِن اللحم لا مِن العظم . اهـ .
وقال القرطبي في تفسيره : إذا وَجَد المُضْطَرّ ميتة وخنزيرا ولَحْم ابن آدم ، أكل الميتة ، لأنها حلال في حال. والخنزير وابن آدم لا يَحِلّ بِحَال . والتحريم المُخَفَّف أوْلى أن يُقْتَحَم مِن التحريم الـمُثَقَّـل . اهـ .
وقال الزيلعي في " تبيين الحقائق شرح كَنْز الدقائق " فيما يتعلّق بالْمُحْرِم :
وَإِنْ وَجَدَ لَحْمَ إنْسَانٍ وَصَيْدًا أَكَلَ الصَّيْدَ ؛ لأَنَّ لَحْمَ الإِنْسَانِ حَرَامٌ حَقًّا لِلشَّرْعِ وَحَقًّا لِلْعَبْدِ ، وَالصَّيْدُ حَقًّا لِلشَّرْعِ لا غَيْرُ ، فَكَانَ أخَفّ . اهـ .
واستدلّ العلماء على تحريم أكل لَحْم الآدمي بقوله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ)
قال ابن عابدين في " حاشية رد المختار على الدر المختار " : لحم الإنسان لا يُباح في الاضطرار لِكَرَامته . اهـ .
ثم إن أكْل لَحْم الآدمي مُضِرّ بآكِله ، ولذلك يُذْكَر بأن آكِل لحم الآدمي يُصاب بالسُّعار (الكَلَب) .
وقد ذَكَر بعض مشايخنا أن أقرب اللحوم إلى لحم الآدمي هو لحم الخنزير ، ولعل هذا مِن أسباب تحريم أكل لحم الخنزير ، وبالتلي فالْحُكم مُنْسَحب على لَحْم ابن آدم لِضرره .
وقد أمَر الله بأكْل الحلال الطيب ، ولَحْم الآدمي ليس كذلك ؛ لِمَا فيه مِن الأضرار ، ولِلإجماع على تحريمه في غير الاضطرار .
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا ًطَيِّبًا)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فَإِنَّمَا أَذِنَ لِلنَّاسِ أَنْ يَأْكُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ بِشَرْطَيْنِ : أَنْ يَكُونَ طَيِّبًا ، وَأَنْ يَكُونَ حَلالا . اهـ .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية